إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْهاوَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِيالرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِيسَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِفَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُعَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)
قال الزجاج فريضة منصوب على التوكيد لأنقوله إنما الصدقات لهؤلاء كقولك فرض اللهالصدقات لهؤلاء.
ثم بين سبحانه لمن الصدقات فقال«إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ» و معناه ليست الصدقات التيهي زكاة الأموال إلا لهؤلاء و اختلف فيالفرق بين الفقير و المسكين على قولين(أحدهما) أنهما صنف واحد و إنما ذكرالصنفان تأكيدا للأمر و هو قول أبي عليالجبائي و إليه ذهب أبو يوسف و محمد فقالافيمن قال ثلث مالي للفقراء و المساكين وفلان إن لفلان نصف الثلث و نصفه الآخرللفقراء و المساكين لأنهما صنف واحد والآخر و هو قول الأكثرين أنهما صنفان و هوقول الشافعي و أبي حنيفة فإنه قال فيالمسألة المذكورة أن لفلان ثلث الثلث وثلثي الثلث للفقراء و المساكين ثم اختلفهؤلاء على أقوال فقيل إن الفقير هوالمتعفف الذي لا يسأل و المسكين الذي يسألعن ابن عباس و الحسن و الزهري و مجاهدذهبوا إلى أن المسكين مشتق من المسكنةبالمسألة و روي ذلك عن أبي جعفر (ع) و قيل آتالفقير الذي يسأل و المسكين الذي لا يسأل وجاء في الحديث ما يدل على ذلك فقد روي عن النبي (ص) أنه قال ليس المسكينالذي يرده الأكلة و الأكلتان و التمرة والتمرتان و لكن المسكين الذي لا يجد غنيافيغنيه و لا يسأل الناس شيئا و لا يفطن بهفيتصدق عليه و قيل الفقير هو الزمن المحتاج و المسكينهو الصحيح المحتاج عن قتادة و قيل الفقراءالمهاجرون و المساكين غير المهاجرين عنالضحاك و إبراهيم ثم اختلفوا من وجه آخرفقيل إن الفقير أسوأ حالا من المسكين فإنالفقير هو الذي لا شيء له و المسكين الذيله بلغة من العيش لا تكفيه و إليه ذهبالشافعي و ابن الأنباري و احتجا بقولهتعالى «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْلِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ»و بأن الفقير مشتق من فقار الظهر فكأنالحاجة قد كسرت فقار ظهره و قيل إن المسكينأسوأ حالا من الفقير الذي له بلغة من العيشو المسكين الذي لا شيء له و هو قول أبيحنيفة و القتيبي و ابن دريد و أئمة اللغة وأنشد يونس: