و هذا يتعلق بما قبله كان المنكرين للبعثقالوا إذا كان العذاب غير كائن في الدنيافلا نبالي به فقال «وَ إِلَيْهِتُقْلَبُونَ» و كأنهم قالوا إذا صرفنا إلىحكم الله فررنا فقال «وَ ما أَنْتُمْبِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِيالسَّماءِ» أي و لستم بفائتين عن الله فيالدنيا و لا في الآخرة فاحذروا مخالفته ومتى قيل كيف وصفهم بذلك و ليسوا من أهلالسماء فالجواب عنه من وجهين (أحدهما) إنالمعنى لستم بمعجزين فرارا في الأرض و لافي السماء لو كنتم في السماء كقولك مايفوتني فلان هاهنا و لا بالبصرة يعني و لابالبصرة لو صار إليها عن قطرب و هو معنىقول مقاتل (و الآخر) أن المعنى و لا من فيالسماء بمعجزين فحذف من لدلالة الكلامعليه كما قال حسان:
فكأنه قال و من يمدحه و ينصره سواء أم لايتساوون عن الفراء و هذا ضعيف عندالبصريين «وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِاللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ»ينصركم و يدفع عذاب الله عنكم فلا تغتروابأن الأصنام تشفع لكم و قيل إن الولي الذييتولى المعونة بنفسه و النصير يتولىالنصرة تارة بنفسه و تارة بأن يأمر غيره به«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ»أي جحدوا بالقرآن و بأدلة الله «وَلِقائِهِ» أي و جحدوا بالبعث بعد الموت«أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي» أخبرأنه سبحانه آيسهم من رحمته و جنته أو يكونمعناه يجب أن ييأسوا من رحمتي «وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» أي مؤلمو في هذا دلالة على أن المؤمن بالله واليوم الآخر لا ييأس من رحمة الله ثم عادسبحانه إلى قصة إبراهيم فقال «فَما كانَجَوابَ قَوْمِهِ» يعني حين دعاهم إلى اللهتعالى و نهاهم عن عبادة الأصنام «إِلَّاأَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ»و في هذا تسفيه لهم إذ قالوا حين انقطعتحجتهم لا تحاجوه و لكن اقتلوه أو حرقوهليتخلصوا منه «فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَالنَّارِ» و هاهنا حذف تقديره ثم اتفقواعلى إحراقه فأججوا نارا فألقوه فيهافأنجاه الله منها «إِنَّ فِي ذلِكَلَآياتٍ» أي علامات واضحات و حجج بينات«لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» بصحة ما أخبرناهبه و بتوحيد الله و كمال قدرته «وَ قالَ»إبراهيم لقومه «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْمِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَبَيْنِكُمْ» أي لتتوادوا بها «فِيالْحَياةِ الدُّنْيا» و قد تقدم بيانه فيالحجة «ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِيَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ» أي يتبرأالقادة من الأتباع «وَ يَلْعَنُبَعْضُكُمْ بَعْضاً» أي و يلعن الأتباعالقادة لأنهم زينوا لهم الكفر و قال قتادةكل خلة تنقلب يوم القيامة عداوة إلا خلةالمتقين قال سبحانه الْأَخِلَّاءُيَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّإِلَّا الْمُتَّقِينَ «وَ مَأْواكُمُالنَّارُ» أي و مستقركم النار «وَ مالَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ» يدفعون عنكم عذابالله.