و اليابس من الثمار كلها يتفكهون بها ويتنعمون بالتصرف فيها «وَ هُمْمُكْرَمُونَ» مع ذلك أي معظمون مبجلون وضد الإكرام الإهانة «فِي جَنَّاتِالنَّعِيمِ» أي و هم مع ذلك في بساتين فيهاأنواع النعيم يتنعمون بها «عَلى سُرُرٍ»و هي جمع سرير «مُتَقابِلِينَ» يستمتعبعضهم بالنظر إلى وجوه بعض و لا يرى بعضهمقفا بعض «يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ» وهو الإناء بما فيه من الشراب «مِنْمَعِينٍ» أي من خمر جارية في أنهار ظاهرةالعيون عن الحسن و قتادة و الضحاك و السديو قيل شديد الجري ثم وصف الخمر فقال«بَيْضاءَ» وصفها بالبياض لأنها في نهايةالرقة مع الصفاء و اللطافة النورية التيلها قال الحسن خمر الجنة أشد بياضا مناللبن و ذكر أن قراءة ابن مسعود صفراءفيحتمل أن يكون بيضاء الكأس صفراء اللون«لَذَّةٍ» أي لذيذة «لِلشَّارِبِينَ» ليسفيها ما يعتري خمر الدنيا من المرارة والكراهة «لا فِيها غَوْلٌ» أي لا تغتالعقولهم فتذهب بها و لا تصيبهم منها وجع فيالبطن و لا في الرأس و يقال للوجع غول لأنهيؤدي إلى الهلاك «وَ لا هُمْ عَنْهايُنْزَفُونَ» أي يسكرون و لا ينزفون لايفنى خمرهم و تحمل هذه القراءة على هذالزيادة الفائدة و على القراءة الأولىفيحمل الغول على الصداع و الوجع و أذىالخمار قال ابن عباس معناه و لا يبولون قالو في الخمر أربع خصال السكر و الصداع والقيء و البول فنزه الله سبحانه خمرالجنة عن هذه الخصال «وَ عِنْدَهُمْقاصِراتُ الطَّرْفِ» قصرن طرفهن علىأزواجهن فلا يردن غيرهن لحبهن إياهم و قيلمعناه لا يفتحن أعينهن دلالة و غنجا«عِينٌ» أي واسعات العيون و الواحدة عيناءو قيل هي الشديدة بياض العين الشديدةسوادها عن الحسن «كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌمَكْنُونٌ» شبههن ببيض النعام مكنةبالريش من الغبار و الريح عن الحسن و ابنزيد و في معناه قول امرئ القيس:
و قيل شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر و قبلأن تمسه الأيدي و المكنون المصون ثم قال«فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍيَتَساءَلُونَ» يعني أهل الجنة يسألبعضهم بعضا عن أحوالهم من حين بعثوا إلى أنأدخلوا الجنة فيخبر كل صاحبه بأنعام اللهتعالى عليه.