مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 8 -صفحه : 409/ 332
نمايش فراداده

«أَتَّخَذْناهُمْ» فالقول فيه أن الجملةالمعادلة لأم محذوفة و المعنى أ تراهم أمزاغت عنهم الأبصار و كذلك قوله أَمْ كانَمِنَ الْغائِبِينَ لأن المعنى أخبروني عنالهدهد أ حاضر هو أم كان من الغائبين هذاقول أبي الحسن و يجوز عندي في قوله تعالى«قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًاإِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ أَمَّنْهُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ» أن تكونالمعادلة لأم محذوفة تقديره أ فأصحابالنار خير أم من هو قانت و حكي عن أبي عمر وأنه قال ما كان من مثل العبودية فسخريمضموم و ما كان من مثل الهزء فسخري مكسورالسين و قد تقدم ذكر هذا قال ابن جني من قرأإنما فعلى الحكاية فكأنه قال إن يقال ليإلا إنما أنا نذير مبين و هذا كما تقوللصاحبك أنت قلت أنك شجاع و نحو ذلك قولالشاعر:


  • تنادوا بالرحيل غدا و في ترحالهم نفسي‏

  • و في ترحالهم نفسي‏ و في ترحالهم نفسي‏

قال و أجاز أبو علي ثلاثة أضرب من الإعراببالرحيل و الرحيل و الرحيل رفعا و نصبا وجرا فمن رفع أو نصب فقد وفى الحكاية اللفظالمقول البتة فكأنهم قالوا الرحيل غدافأما الجر فعلى إعمال الباء فيه و هو معنىما قالوه و لكن حكيت منه قولك غدا وحده و هوخبر المبتدأ أو في موضع رفع لأنه خبرالمبتدأ و لا يكون ظرفا لتنادوا لأن الفعلالماضي لا يعمل في الزمان الآتي و إذا قالبالرحيل غدا فإن غدا يجوز أن يكون ظرفالنفس الرحيل و يجوز أن يكون ظرفا لفعل آخرنصب الرحيل أي يحدث الرحيل غدا.

المعنى‏

ثم حكى سبحانه عن أهل النار أيضا بقوله«وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى‏ رِجالًاكُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ» أييقولون ذلك حين ينظرون في النار فلا يرونمن كان يخالفهم فيها معهم و هم المؤمنون عنالكلبي و قيل نزلت في أبي جهل و الوليد بنالمغيرة و ذويهما يقولون ما لنا لا نرىعمارا و خبابا و صهيبا و بلالا الذين كنانعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلونالشر و القبيح و لا يفعلون الخير عن مجاهدو روى العياشي بالإسناد عن جابر عن أبي عبدالله (ع) أنه قال أن أهل النار يقولون «مالَنا لا نَرى‏ رِجالًا كُنَّانَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ» يعنونكملا يرونكم في النار لا يرون و الله أحدامنكم في النار «أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْزاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ» معناه أنهميقولون لما لم يروهم في النار اتخذناهمهزوءا في الدنيا فأخطأنا أم عدلت عنهمأبصارنا فلا نراهم و هم معنا في النار«إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ» أي إن ما ذكر قبلهذا لحق أي كائن لا محالة ثم بين ما هو فقال«تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ» يعني تخاصمالأتباع‏