مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 8 -صفحه : 409/ 403
نمايش فراداده

المعنى‏

ثم خاطب سبحانه نبيه (ص) فقال «قُلْ» يامحمد لكفار قومك «إِنِّي نُهِيتُ» أينهاني الله «أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَتَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» أي أوجهالعبادة إلى من تدعونه من دون الله منالأصنام التي تجعلونها آلهة «لَمَّاجاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي» أيحين أتاني الحجج و البراهين من جهة اللهتعالى دلتني على ذلك «وَ أُمِرْتُ» مع ذلك«أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ» أياستسلم لأمر رب العالمين الذي يملك تدبيرالخلائق أجمعين ثم عاد إلى ذكر الأدلةفقال «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ» معاشرالبشر «مِنْ تُرابٍ» أي خلق أباكم آدم منتراب و أنتم نسله و إليه تنتمون «ثُمَّمِنْ نُطْفَةٍ» أي ثم أنشأ من ذلك الأصلالذي خلقه من تراب النطفة و هي ماء الرجل والمرأة «ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ» و هي قطعةمن الدم «ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» أيأطفالا واحدا واحدا فلذلك ذكره بالتوحيدقال يونس العرب تجعل الطفل للواحد والجماعة قال الله تعالى «أَوِ الطِّفْلِالَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى‏عَوْراتِ النِّساءِ» و المعنى ثم يقلبكمأطوارا إلى أن يخرجكم من أرحام الأمهاتأطفالا صغارا «ثُمَّ لِتَبْلُغُواأَشُدَّكُمْ» و هو حال استكمال القوة وهذا يحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله«ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» لتنشأوا وتشبوا «ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ»و يحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله«يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» و التقديرلطفوليتكم ثم لتبلغوا أشدكم «ثُمَّلِتَكُونُوا شُيُوخاً» بعد ذلك «وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ»أي من قبل أن يصير شيخا و من قبل أن يبلغأشده «وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى»أي و ليبلغ كل واحد منكم ما سمي له من الأجلالذي يموت عنده و قيل هذا للقرن الذي تقومعليهم القيامة و الأجل المسمى هو القيامةعن الحسن «وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»أي خلقكم لهذه الأغراض التي ذكرها و لكيتتفكروا في ذلك فتعقلوا ما أنعم الله بهعليكم من أنواع النعم و أراده منكم منإخلاص العبادة ثم قال «هُوَ الَّذِييُحْيِي وَ يُمِيتُ» أي من خلقكم من ترابعلى هذه الأوصاف التي ذكرها هو الذييحييكم و هو الذي يميتكم فأولكم من تراب وآخركم إلى تراب «فَإِذا قَضى‏ أَمْراًفَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»و معناه أنه يفعل ذلك من غير أن يتعذر ويمتنع عليه فهو بمنزلة ما يقال له كن فيكونلأنه سبحانه يخاطب المعدوم بالتكون «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَفِي آياتِ اللَّهِ» يعني المشركين الذينيخاصمون في إبطال حجج الله و دفعها«أَنَّى يُصْرَفُونَ» أي كيف و من أينيقلبون عن الطريق المستقيم إلى الضلال ولو كانوا يخاصمون في آيات الله بالنظر فيصحتها و الفكر فيها لما ذمهم الله تعالى ثموصفهم سبحانه فقال «الَّذِينَ كَذَّبُوابِالْكِتابِ» أي بالقرآن و جحدوه «وَ بِماأَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا» أي و كذبوا بماأرسلنا به من الكتب و الشرائع رسلنا قبلك«فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» عاقبة أمرهم إذحل بهم وبال ما جحدوه و نزل بهم عقاب ماارتكبوه‏