قرأ حمزة و الكسائي و رويس عن يعقوب لماصبروا بكسر اللام و الباقون «لَمَّا»بالتشديد و فتح اللام.
قال أبو علي من قرأ لما فإنه جعلهللمجازاة إلا أن الفعل المتقدم أغنى عنالجواب كما أنك إذا قلت أجيئك إذا جئتتقديره إن جئت أجئك فاستغنيت عن الجواببالفعل المتقدم على الشرط فكذلك المعنىهنا لما صبروا جعلناهم أئمة و من قال لماصبروا علق الجار بجعلنا و التقدير جعلنامنهم أئمة لصبرهم.
ثم أقسم سبحانه في هذه الآية فقال «وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِالْأَدْنى دُونَ الْعَذابِالْأَكْبَرِ» أما العذاب الأكبر فهو عذابجهنم في الآخرة و أما العذاب الأدنى فيالدنيا و اختلف فيه فقيل إنه المصائب والمحن في الأنفس و الأموال عن أبي بن كعب وابن عباس و أبي العالية و الحسن و قيل هوالقتل يوم بدر بالسيف عن ابن مسعود و قتادةو السدي و قيل هو ما ابتلوا به من الجوع سبعسنين بمكة حتى أكلوا الجيف و الكلاب عنمقاتل و قيل هو الحدود عن عكرمة و ابن عباسو قيل هو عذاب القبر عن مجاهد و روي أيضا عنأبي عبد الله (ع) و الأكثر في الرواية عن أبي جعفر (ع) و أبي عبد الله (ع) أنالعذاب الأدنى الدابة و الدجال «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» أي ليرجعواإلى الحق و يتوبوا من الكفر و قيل ليرجعالآخرون عن أن يذنبوا مثل ذنوبهم «وَ مَنْأَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِرَبِّهِ» أي لا أحد أظلم لنفسه ممن نبه علىحجج الله التي توصله إلى معرفته و معرفةثوابه «ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها» جانبا و لمينظر فيها «إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ»الذين يعصون الله تعالى بقطع طاعاته وتركها «مُنْتَقِمُونَ» بأن نحل العقاببهم «وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَىالْكِتابَ» يعني التوراة «فَلا تَكُنْفِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ» أي في شك منلقائه أي من لقائك موسى ليلة الإسراء بكإلى السماء عن ابن عباس و قد ورد في الحديث أنه قال رأيت ليلة أسريبي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنهمن رجال شنؤة و رأيت عيسى بن مريم رجلامربوع الخلق إلى الحمرة و البياض سبطالرأس فعلى هذا فقد وعد (ص) أنه سيلقي موسى قبل أنيموت و به قال مجاهد و السدي و قيل فلا تكنفي مرية من لقاء موسى إياك في الآخرة و قيلمعناه فلا تكن يا محمد في مرية من لقاءموسى الكتاب عن الزجاج و قيل معناه فلا تكنفي شك من لقاء الأذى كما لقي موسى الأذى عنالحسن فكأنه قال فلا تك في مرية من أن تلقىكما لقي موسى «وَ جَعَلْناهُ هُدىًلِبَنِي إِسْرائِيلَ» أي و جعلنا موسىهاديا لهم عن قتادة و قيل و جعلنا الكتابهاديا لهم عن الحسن