(الجواب أو الجوابات) هما عنوانان «1» يشار بهما إلى كثير منتصانيف أصحابنا و ذلك لما ذكرناه في (ج 1المقدمة- ص 20)، من أن كثيرا من مصنفيهم قدبلغوا من تواضع النفس، و خضوع الجوانح، وخلوص النيات، حدا لا يرون أنفسهم شيئاقابلا للذكر و الإشارة، و لا يحسبونتصانيفهم مع كونها جيدة قيمه كتابا لائقابالعنوان و التسمية فبقيت الكتب بعد عصرالمصنفين بغير اسم خاص يدعى به فمستالحاجة إلى أن يشار إليها بعنوان ينطبقعليها فإذا علم أن الكتاب في جواب شخص خاص،أو في جواب اعتراض معين، أو أنه جواب عنسؤال مخصوص أو عن شبهة معلومة، أو أنه جوابعن مسألة مخصوصة، أو عن مسائل متعددة كماهو الشائع من إلقاء المسألة الواحدة، أوالمسائل من القرب، أو من البلاد البعيدةإلى العلماء و هم يكتبون جواباتها بغيرعنوان خاص، أو علم أنه جواب رسالة، أوكتاب، أو مكتوب، يصح أن يعبر عنه بالجوابالمضاف إلى ما يعلم من إحدى هذه الأمور، ونحن قد راعينا
(1) هو جمع قياسي للجواب لأنه مفرد لم يذكرله جمع في اللغة كما سنبينه، و أما الأجوبةفقد نقلنا في (ج 1- ص- 276) عن الشيخ فخر الدينالطريحي قوله في (مجمع البحرين) بأنالأجوبة أيضا جمع للجواب، لكنه لم يذكرمستند قوله، و أما كون الجوابات جمعاقياسا للجواب فهو مصرح به في كتاب الوساطةبين المتنبي و خصومة تأليف القاضي أبيالحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني المتوفى(366) و هذا القاضي هو العلامة الرحالة الذيوصفه الثعالبي في اليتيمة بأنه فرد الزمانو نادرة الفلك و إنه خلف الخضر من صباه فيقطع الأرض إلى غير ذلك من إطرائه الكاشف عنعلو كعبه في العلم و الخط و الشعر فصرح فيكتابه المذكور المبتكر في بابه بأن كلمفرد لا جمع له في اللغة يجمع بالألف والتاء مثل بوق فإن جمعه بوقات فقولالمتنبي في جمعه أبواق غلط، و من تصريح هذاالعلامة قبل ولادة ابن الجوزي بما يزيدعلى مائتي سنة بثبوت القياس و القاعدة فيجمع الجواب لم يبق مجال للاعتماد علىإنكار ابن الجوزي له و هو أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد المتوفى (597) فيكتابه تقويم اللسان الذي استعان فيه بكتابدرة الغواص في أوهام الخواص تأليف الحريريالمتوفى (516) و لكنه أورد شيخنا البهائي فيكشكوله ما ذكره ابن الجوزي في تقويماللسان و هو أن الجواب مفرد لا جمع لهفالجوابات و الأجوبة غلطان و الصحيح جوابالكتب، و ظاهر نقل الشيخ البهائي ذلكالقول و سكوته عن الاعتراض عليه هوارتضائه له، و تغليطه الجوابات الا أنانعتقد عدم ظفر الشيخ بكتابه الوساطة و الالما كان يرجح تغليط ابن الجوزي على تصحيحالعلامة الجرجاني لأن بناء تغليط ابنالجوزي على عدم العلم بثبوت القياس، وتصحيح العلامة الجرجاني مبني على ثبوتالقياس و تحققه عنده و علمه به في أوائلالقرن الرابع الشائع يومئذ عند أهل اللسانإطلاق الأجوبة أو الجوابات على جملة منتصانيف أصحابنا في فهارسهم و قد نقل كثيرمنها في فهرسي الشيخ الطوسي و النجاشيالمؤلفين في أوائل القرن الخامس.