برهان من کتاب الشفاء

ابو علی ابن سینا

نسخه متنی -صفحه : 284/ 242
نمايش فراداده

فقد انقلب ما كان مبدأ البرهان فصار آخرالحد و ما كان نتيجة للبرهان فصار مبدأالحد.

و صار المحدود الذي كان محمولا آخر الأمرموضوعا للجميع. و نظير هذا الحد قولنا فيحد الغضب إنه شهوة الانتقام و نظير كمالهغليان دم القلب و هو نتيجة البرهان. فإذاحددت قدمت غليان دم القلب و أردفته بالعلةو هو شهوة الانتقام. و إذا برهنت قلت: فلانيشتهي الانتقام و كل من اشتهى الانتقامغلى دم قلبه. فقدمت شهوة الانتقام و أخرتغليان دم القلب. و الجنس دائما مع الحدالذي هو نتيجة البرهان.

و قد ظن قوم أن الحد الذي هو نتيجة البرهانيكون لا محالة من المادة و الذي هو مبدأالبرهان يكون من الصورة و حسبوا أن توسطالأرض الذي هو المبدأ الفاعل للكسوف هوعلة صورية للكسوف و أن انمحاق الضوء علةمادية و كأنها من جهة مادة الكسوف و ليسكذلك. بل تكون العلل المتوسطة و مبادئالبرهان من كل نوع.

و المعلم الأول يجعل الحد التام المجتمعمن الحد الذي هو مبدأ البرهان و الحد الذيهو نتيجة البرهان قسما من الأقسام و يتركالحد الذي هو مبدأ البرهان اقتصارا علىفهم المتعلم و هو بالحقيقة قسم خارج مماذكر و هو الرابع في الحقيقة بعد الحد التامكما أشرنا إليه في مواضع و سنشير إليه بعدقليل. بل إنما نجعل الرابع حد أمور لا علللها و ذوات لا أسباب لوجودها بوجه و ليس فيحدها التام شي‏ء هو علة و معلول فلا يكونهناك شي‏ء هو مبدأ برهان و شي‏ء آخر هونتيجة برهان.

و لا كل مبدأ برهان يؤدي إلى حد هو نتيجةبرهان و لكن يجوز أن يكون مبدأ برهان لأمورعارضة خارجة عن الحد.