بل يجب أن نقول الحق و نعلم أن حد الشيءمن جهة ماهيته يتم بأجزاء قوامه و ما ليسخارجا منه. و يتم من جهة إنيته بسائر العللحتى تتصور ماهيته كما هو موجود و يتحققبذلك ما يتقدم ماهيته في الوجود فيتم بهوجوده فيقع لتلك الماهية حصول به.
فأما إذا أريد النظر إلى نفس الماهية غيرمعتبر لها ما يلزمها من الوجود و إن كان لابد لها من لزوم نوع من الوجود إياها كفى فيحدها إيراد ما يقومها من حيث هي ماهية.
و ليس نسبة الماهية إلى العلل المفارقةنسبتها إلى اللواحق و العوارض الخاصة والمشتركة فتلك يتأخر وجودها بالذات عنوجود الماهية. و أما العلل فإن وجودهامتقدم على وجود الماهية. فكثير من الأشياءتحد لا من حيث ذواتها بل من حيث لها عرض منالأعراض و لاحق من اللواحق و نسبة منالنسب. فربما كان ذلك اللاحق و النسبةيتضمن الغاية فلم يمكن إلا أن تذكر الغايةكاللبس في حد الخاتم و في حد الملاءة. وربما كان ذلك يتضمن الفاعل كالاحتراق فإنهليس اسما لتفرق أجزاء الشيء و تسودها كيفكان بل أن يكون عن حرارة.
ثم لقائل أن يقول: ما بال القوى لا تحد إلابأفعالها و هي أمور خارجة عنها و ليستأسبابا لها بل هي من جملة اللواحق لها فهلذلك حد أو رسم فالجواب أن ذلك قد يمكن أنيؤخذ في شرح اسم القوى على وجه رسم و يمكنأن يؤخذ على وجه حد: فإنه إذا دل في القولالمعرف على مجرد نسبة لها إلى أمور خارجةتتبعها كيف كانت كان رسما. و إذا دل على أنجوهر تلك القوة و ذاتها أن تكون بحيث يصدرعنها فعل كذا أولا كان حدا: لأن الحد يقتضيتعريف جوهر الشيء و ذاته و لا ذات للقوةإلا التي من شأنها أن يصدر عنها فعلها منحيث هي كذلك. و أيضا إذا كانت القوة يصدرعنها فعل أولا و بالذات مثل التمييز فيالمعقولات و الصناعات و الأخلاق للقوةالناطقة و أفعال و أحوال تتبعها لأمورتقترن بها لا لذاتها: لأن الذي عن قوةواحدة لذاتها فعل واحد مثل الاستعداد