جوهر النضید فی شرح التجرید

خواجه نصیر الدین محمد ابن محمد بن الحسن الطوسی‏

نسخه متنی -صفحه : 299/ 30
نمايش فراداده

أقول الحكماء حصروا أنواع التقدم في هذهالخمسة و لم نقف لهم على برهان يدل علىالحصر أكثر من الاستقراء و نقضه المتكلمونبتقدم أجزاء بعض الزمان على بعض واعتذارات الفلاسفة فيه ضعيفة ذكرناها وبينا ضعفها في كتابي الأسرار و المناهج.

إذا عرفت هذا فنقول التقدم يقال عندالأوائل بخمسة معان أحدها التقدم بالزمانو هو ظاهر لكل أحد كتقدم الأب على الابنبمعنى أن للأب وجودا في زمان و للابن وجودافي زمان آخر و زمان الأب متقدم على زمانالابن فيقال للأب إنه متقدم على الابنبالزمان.

و ثانيها التقدم بالذات و هو التقدمبالعلية كتقدم الشمس على الضوء و حركةالإصبع على حركة الخاتم فإنا نعلم أنه لولا حركة الإصبع لم يتحرك الخاتم فهذاالترتيب العقلي هو المعنى بالتقدمبالعلية و هو خفي عند جماعة من الناس.

و ثالثها التقدم بالطبع و هو كتقدم الواحدعلى الاثنين فإنه لو لا الواحد لم يتحققللاثنين وجود و قد يتحقق الواحد و إن لميكن الاثنان موجودا فهذا الترتب المعلومهو المراد بالتقدم الطبيعي [الطبعي‏].

و الفرق بين هذا النوع من التقدم و بينالأول أن المتقدم هناك كان كافيا في وجودالمتأخر بحيث يستحيل انفكاكه عنه والمتقدم هنا ليس علة تامة في المتأخر إذ قديمكن وجود المتقدم و إن لم يكن المتأخرثابتا.

و رابعها التقدم بالرتبة أما الرتبةالحسية كتقدم الصف الأول على الصف الثانيبالنظر إلى الإمام أو الرتبة العقليةكتقدم الجنس على النوع إن اعتبر الترتيببالنسبة إلى العموم.

و خامسها التقدم بالشرف و الفضيلة كتقدمالعالم على متعلمه. و إذا عرفت أصنافالتقدم فاعرف منها أصناف المتأخر و هوظاهر و كذا أصناف المعية إلا في المعيةبالعلية لاستحالة اجتماع علتين مستقلتينعلى معلول واحد و المصنف أطلق ذلك و ليسبجيد.

و هذا الفصل خارج عن هذا الفن لما بينالكنه مفيد فيه لاحتياج المنطقي في اكتسابالحدود و المقدمات إليه لأنه متى لم يعرفأن محدوده و كل واحد من حدي مطلوبه تحت أيجنس من الأجناس العالية يقع لم يقدر علىتحصيل الفصول و الحدود الوسطى