المكمل الذي هو سائس أمة فهو ينظر فيمافيه صلاحهم كما قال في نبيه (ص) يمدحه بهحَرِيصٌ عَلَيْكُمْ فمدحه بالحرص على ماتسعد به أمته و شرهه و حرصه على إسلام عمه أبي طالب إلى أن قال لهقلها في أذني حتى أشهد لك بها لعلمه بأن شهادته مقبولة و كلامه مسموعفيعرف الكامل نائب الله في عباده نوائبالزمان المستأنفة فيستعد لها عن الأمرالذي كان له منه الاطلاع على منازلتهافيتخيل من لا علم له أنه سعى في حق نفسه وليس الأمر كذلك و هو كذلك فإنه يباهي الأممبالأتباع من أمته فكان يطلب الكثرة منالمؤمنين
و لكن لا بد لهذا الشرة من وجود الشرطينالاطلاع و الأمر الإلهي و هو الشرط الأعظمو أما الاطلاع و إن اشترط فهو شرط ضعيففإنه لا يشترط إلا لمن ادعى أنه يدخر في حقالغير ثم يتناول من ذلك المدخر في حق نفسهفيقال له هل أطلعك الله على من له هذاالمدخر عندك و هل اطلعت على أنه لا يصلإليهم إلا على يدك فإن قال نعم سلم لهالادخار و إن قال لا قيل له فحرصك ما قامعلى أصل مقطوع بصحته فدخله الخلل فإن قيلفقد قالت طائفة من صح توكله في نفسه صحتوكله في غيره قلنا هذا صحيح و هذا لايناقض حال هذا الحريص على الكسب و الادخارو المزاحمة لأبناء الدنيا الذين لا توكللهم على ذلك فإن التوكل أمر باطن و هوالاعتماد على الله و هذا المدخر إن كاناعتماده على ما ادخره فهذا يناقض التوكل وإن لم يعتمد عليه فليس يناقض لكن يناقضالتجريد الظاهر و قطع الأسباب و ليس هذا منأحوال المكملين و إنما هو من أحوالالسالكين ليكون لهم ما اتخذوه عقدا ذوقافإن الذوق أتم في التمكن فإنه يزيلالاضطراب في حال عدم السبب الذي من عادةالنفس أن تسكن إليه و سيرد تحقيق هذا فيمقام التوكل بعد هذا إن شاء الله
و لهذا الشرة و الحرص من الدرجات عندالعارفين سواء كانوا من أهل الأدب والوقوف أو من أهل الأنس و الوصال ثمانمائةو خمس و ستون درجة و عند الملامتية سواءكان الملامي من أهل الأنس و الوصال أو منأهل الأدب و الوقوف ثمانمائة درجة و ثلاثدرجات فإن كان العارفون من أهل الأسرارفلهم من الدرجات ألف و خمسمائة و خمس وثلاثون درجة و إن كانوا من أهل الأنوارفلهم ثمانمائة درجة و خمس و ستون درجة و إنكان الملامية من أهل الأسرار فلهم ألف وأربعمائة و ثلاث و سبعون درجة و إن كانوامن أهل الأنوار فلهم ثمانمائة و ثلاثدرجات
و هو نعت إلهي فإنه يقول عَجَّلْنا لَهُفِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ و كذلكالحرص نعت إلهي أيضا و هو الذي يقتضيه قول الله لملائكته في المتشاحنين أنظرواهذين حتى يصطلحا و تسخير الملائكة في حق المؤمنينبالاستغفار و الدعاء لهم فهذا من ثمرته وإن لم يرد الإطلاق اللفظي به فإن هذهالأمور على قسمين منهما ما ورد إطلاقاللفظ بأسمائها على الجناب الإلهي و منهاما وجد منه آثارها و لم يطلق عليه منها اسمو منها ما نسب الفعل الذي يكون منها إليه ولم يطلق عليه منه اسما و منه ما أطلق عليهمنه اسما في جماعة بحكم التضمين فمثل مانسب إليه الفعل و لم يطلق الاسم قوله اللهيَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و قوله سَخِرَ اللهمِنْهُمْ و مثل ما نسب إليه الفعل و أطلقعليه الاسم في جماعة بحكم التضمين قوله وَمَكَرَ الله وَ الله خَيْرُ الْماكِرِينَو مثل ما أطلق عليه منه اسم قوله وَ هُوَخادِعُهُمْ و مثل ما وجد منه آثارها و لميطلق عليه منها اسم و لا فعل قولهعَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ
التوكل اعتماد القلب على الله تعالى مععدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة فيالعالم التي من شأن النفوس أن تركن إليهافإن اضطرب فليس بمتوكل
و هو من صفات المؤمنين فما ظنك بالعلماءمن المؤمنين و إن كان التوكل لا يكونللعالم إلا من كونه مؤمنا كما قيده الله بهو ما قيده سدى فلو كان من صفات العلماء ويقتضيه العلم النظري ما قيده بالإيمان فلايقع في التوكل مشاركة من غير المؤمن بأيشريعة كان و سبب ذلك أن الله تعالى لا يجبعليه شيء عقلا إلا ما أوجبه على نفسهفيقبله بصفة الايمان لا بصفة العلم فإنهفَعَّالٌ لِما يُرِيدُ فلما ضمن ما ضمن وأخبر بأنه يفعل أحد