الممكنين اعتمدنا عليه في ذلك علىالتعيين و صدقناه لأنه بالدليل و العلمالنظري فعلم صدقه فسكوننا و عدم اضطرابناعند فقد الأسباب إنما هو من إيماننابضمانه فلو بقينا مع العلم اضطربنافالعالم إذا سكن فمن كونه مؤمنا و كونهمؤمنا من كونه عالما بصدق الضامن
الوكالة من يستحقها الله أم العالم أملكل منهما نصيب
و تحقيق الوكالة من يستحقها هل الله أو هلالعالم أو هل لله منها نصيب و للعالم نصيبفاعلم إن الوكالة لا تصح إلا في موكل فيه وذلك الموكل فيه أمر يكون للموكل ليس لغيرهفيقيم فيه وكيلا و يتصرف فيما للموكل أنيتصرف فيه مطلقا فمن نظر أن الأشياء ما عداالإنسان خلقت من أجل الإنسان كان كل شيءله فيه مصلحة يطلبها بذاته ملكا له و لماجهل مصالح نفسه و مصالحه ما فيها سعادتهخاف من سوء التصرف في ذلك و
قد ورد فيما أوحى الله لموسى يا ابن آدمخلقت الأشياء من أجلك و خلقتك من أجلي
حظ الناظر الأول في تحقيق الوكالة و منيستحقها
فقال إذ و قد خلق الأشياء من أجلي فما خلقإلا ما يصلح لي و أنا جاهل بالمصلحة التيفي استعمالها نجاتي و سعادتي فلنوكله فيأموري فهو أعلم بما يصلح لي فكما أنه خلقهاهو أولى بالتصرف فيها هذا يقتضيه نظري وعقلي من غير إن يقترن بذلك أمر إلهي فكيف وقد ورد به الأمر الإلهي فقال لا إِلهَإِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا نبهبهذا الأمر أنه لا ينبغي الوكالة إلا لمنهو إله لأنه عالم بالمصالح إذ هو خالقهاكما قال أَ لا يَعْلَمُ من خَلَقَ وَ هُوَاللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فاتخذه المؤمنالعالم وكيلا و سلم إليه أموره و جعلزمامها بيده كما هو في نفس الأمر فما زادشيئا مما هو الأمر عليه في الوجود و مدحهالله بذلك و ما أثر في الملك شيئا و هذاغاية الكرم الثناء بالأثر على غير المؤثربل الكل منه و إليه فهذا حظ الناظر الأول
حظ الناظر الثاني في تحقيق الوكالة و منيستحقها
و الناظر الثاني هو أن يقول ما خلق اللهالأشياء من أجل الأشياء و إنما خلقهاليسبحه كل جنس من الممكنات بما يليق به منصلاة و تسبيح لتسري عظمته في جميع الأكوانو أجناس الممكنات و أنواعها و أشخاصهافقال كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ و قال وَ إِنْ من شَيْءٍإِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فالكل لهتعالى ملك و إذا كان الأمر على هذا و لميخلق على الصورة الإلهية سوانا و وصف نفسهبالغيب عن الأشياء و أسدل الحجب بينها وبين أن ندركه فهو يدركها و لا تدركه لأنهالا تعرفه فأقام الإنسان خليفة و هو الوكيلفقال وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْمُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فحد لنا فيالوكالة أمورا لا نتعداها فما هي وكالةمطلقة مثل ما وكلناه نحن فحد حدودا لنا إنتعديناها تعدينا حدود الله وَ منيَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَنَفْسَهُ
حظ الناظر الثالث في تحقيق الوكالة و منيستحقها
و على النظر الأول جاء القرآن كله فإنه ماقال إلا توكلوا و قال المتوكلون فرجحالنظر الأول و هو أن نتخذ وكيلا في المصلحةلنا لا في الأشياء فيجمع بين النظرين و هيحالة ثالثة شهدناها و ما رأيناها لأحد منطريقتنا فقلنا إنه خلق الأشياء له لا لنا وأَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ و منخلقنا افتقارنا إلى ما يكون به صلاحنا حيثكنا من دنيا و آخرة و لا نعلم طريقنا إلىالمصلحة لأنه ما خلق الأشياء من أجلنافوكلناه ليسخر لنا من هذه الأشياء ما يرىفيه المصلحة لنا امتنانا منه و امتثالالأمره فنكون في توكلنا عليه عبيدا مأمورينممتثلين أمره نرجو بذلك خيره فوقع التوكلفي المصالح لا في عين الأشياء و هذا برزخدقيق لا يشعر به كل أحد للطافته و هو جمعبين الاثنين و تثبيت للحكمين و إن كان قدتكلم أهل هذا المقام فيه و ما من أحد منهمإلا نزع لأحد الطرفين من غير جمع بينهما
حالات المتوكلين العارفين مع وكيلهم و هوالله رب العالمين
فالرجال المنعوتون بهذا المقام منهم منيكون بين يدي الله فيه كالميت بين يديالغاسل يقلبه كيف يشاء و لا يعترض عليه فيشيء و منهم من حالته فيه حال العبد معسيده في مال سيده و منهم من حاله فيه حالالولد مع والده في مال ولده و منهم من حالهفيه حال الوكيل مع موكله بجعل كان أو بغيرجعل
التوكل لا يصح في الإنسان على الإطلاقعلى الكمال
و الذي عليه المحققون و به نقول إن التوكللا يصح في الإنسان على الإطلاق على الكماللأن الافتقار الطبيعي بحكم ذاته فيه والإنسان مركب من أمر طبيعي و ملكوتي و لماعلم الحق أنه على هذا الحد و قد أمربالتوكل و ما أمر به إلا و هو ممكن الاتصافبه و قد وصف نفسه بالغيرة على الألوهيةفأقام نفسه مقام كل شيء في خلقه إذ هوالمفتقر إليه بكل وجه و في كل حال فقال ياأيها الناس و ما خص مؤمنا و لا غيرهأَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله وَ اللههُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فما افتقرتمإليه من الأشياء هو لنا و بأيدينا و ما هولنا فما يطلب إلا منا فإلينا الافتقار لاإليه إذ هو غير مستقل إلا بنا
الأحوال التي يصح اتصاف التوكل بها
و ليكن للتوكل أحوال يصح الاتصاف بها بهايسمى توكلا و بلغني عن واحد من أهل طريقالله أنه قال بما أشرنا إليه في هذهالمسألة متنا و ما شممنا لهذا التوكلرائحة لأنه يطلب سريانه في الكل للافتقارالطبيعي الذي فيه و التوكل مقام لا يتبعضإلا بالمجاز و نحن أهل