الإلهي بالتحجير و هو غير مؤاخذ لهم لماسبقت لهم به العناية في الأزل فأباح لهم ماهو محجور على الغير و سائر من ليس له هذاالمقام لا علم له بذلك فيحكم عليه بأنهارتكب المعاصي و هو ليس بعاص بنص كلام اللهالمبلغ على لسان رسول الله صلّى الله عليهوسلّم و كأهل البيت حين أذهب الله عنهمالرجس و لا رجس أرجس من المعاصي و طهرهمتطهيرا و هو خبر و الخبر لا يدخله النسخ وخبر الله صدق و قد سبقت به الإرادة الإلهيةفكل ما ينسب إلى أهل البيت مما يقدح فيماأخبر الله به عنهم من التطهير و ذهاب الرجسفإنما ينسب إليهم من حيث اعتقاد الذيينسبه لأنه رجس بالنسبة إليه و ذلك الفعلعينه ارتفع حكم الرجس عنه في حق أهل البيتفالصورة واحدة فيهما و الحكم مختلف والقسم الآخر رجال اطلعوا على سر القدر وتحكمه في الخلائق و عاينوا ما قدر عليهم منجريان الأفعال الصادرة منهم من حيث ما هيأفعال لا من حيث ما هي محكوم عليها بكذا أوكذا و ذلك في حضرة النور الخالص الذي منهيقول أهل الكلام أفعال الله كلها حسنة و لافاعل إلا الله فلا فعل إلا لله و تحت هذهالحضرة حضرتان حضرة السدفة و حضرة الظلمةالمحضة و في حضرة السدفة ظهر التكليف وتقسمت الكلمة إلى كلمات و تميز الخير منالشر و حضرة الظلمة هي حضرة الشر الذي لاخير معه و هو الشرك و الفعل الموجب للخلودفي النار و عدم الخروج منها و أن نعم فيهافلما عاين هؤلاء الرجال من هذا القسم ماعاينوه من حضرة النور بادروا إلى فعل جميعما علموا أنه يصدر منهم و فنوا عن الأحكامالموجبة للبعد و القرب ففعلوا الطاعات ووقعوا في المخالفات كل ذلك من غير نية لقربو لا انتهاك حرمة فهذا فناء غريب أطلعنيالله عليه بمدينة فاس و لم أر له ذائقا مععلمي بأن له رجالا و لكن لم ألقهم و لا رأيتأحدا منهم غير أني رأيت حضرة النور و حكمالأمر فيها غير أنه لم يكن لتلك المشاهدةفينا حكم بل أقامني الله في حضرة السدفة وحفظني و عصمني فلي حكم حضرة النور و إقامتيفي السدفة و هو عند القوم أتم من الإقامةفي حضرة النور فهذا معنى قول بعضهم فيالفناء إنه فناء المعاصي
«و أما النوع الثاني» من الفناء فهوالفناء عن أفعال العباد بقيام الله علىذلك
من قوله أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلىكُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ فيرون الفعللله من خلف حجب الأكوان التي هي محل ظهورالأفعال فيها و هو قوله تعالى إِنَّرَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ أي سترهواسع و الأكوان كلها ستره و هو الفاعل منخلف هذا الستر وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ والمثبتون من المتكلمين أفعال العباد خلقالله يشعرون و لكن لا يشهدون لحجاب الكسبالذي أعمى الله به بصيرتهم كما أعمى بصيرةمن يرى الأفعال للخلق حين أوقفه الله مع مايشاهده ببصره فهذا لا يشعر و هو المعتزلي وذلك لا يشهد و هو الأشعري فالكل عَلىبَصَرِهِ غِشاوَةً
«و أما النوع الثالث» فهو الفناء عن صفاتالمخلوقين
بقوله تعالى في الخبر المروي النبوي عنهكنت سمعه و بصره
و كذا جميع صفاته و السمع و البصر و غيرذلك من أعيان الصفات التي للعبد أو الخلققل كيف شئت و عرف الحق أن نفسه هي عينصفاتهم لا صفته فأنت من حيث صفاتك عين الحقلا صفته و من حيث ذاتك عينك الثابتة التياتخذها الله مظهرا أظهر نفسه فيها لنفسهفإنه ما يراه منك إلا بصرك و هو عين نظركفما رآه إلا نفسه و أفناك بهذا عن رؤيتهفناء حقيقة شهودية معلومة محققة لا يرجعبعد هذا الفناء حالا إلى حال يثبت لك أن لكصفة محققة ليست عين الحق و صاحب هذا الفناءدائما في الدنيا و الآخرة لا يتصف في نفسهو لا عند نفسه بشهود و لا كشف و لا رؤية معكونه يشهد و يكشف و يرى و يزيد صاحب هذاالفناء على كل مشاهد وراء و مكاشف أنه يرىالحق كما يرى نفسه لأنك رأيته به لا بك وهذا مشهد عزيز لم أر له بالحال ذائقا فإنهدقيق فمن زعم أنه ذاقه ثم رجع بعد ذلك إلىحسه و نفسه و أثبت لنفسه صفة ليست هي عينالحق التي علمها فليس عنده خبر بما قاله ولا يعرف من شاهد و لا ما شاهد ثم إن صاحبهذا الفناء مهما فرق بين صفاته في حالالفناء فرأى غير ما سمع و سمع غير ما سعى وسعى غير ما شم و طعم و طعم غير ما علم و علمغير ما قدر و ميز و فرق بين هذه النسب وادعى أنه صاحب هذا النوع من الفناء فليس هوو إذا توحدت عنده العين فسمع بما به رأىبما به تكلم بما به علم و سعى و شم و طعم وأحس و لم يختلف عليه الإدراك باختلافالحكم فهو صاحب هذا الفناء ذوقا صحيحالحال
«و أما النوع الرابع» من الفناء فهوالفناء عن ذاتك
و تحقيق ذلك أن تعلم أن ذاتك مركبة من لطيفو كثيف و أن لكل ذات منك حقيقة و أحوالاتخالف بها الأخرى و أن لطيفتك متنوعةالصور مع