هواء الذي
أثبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبهذه الصفة للحق تعالى حين قيل له أين كانربنا قبل أن يخلق الخلق فقال صلّى اللهعليه وسلّم كان في عماء ما فوقه هواء و ماتحته هواء
فنزه أن يكون تصريفه للأشياء على الأهواءفإنه لما كنى عن ذلك الوجود بما هو اسمللسحاب محل تصريف الأهواء نفى أن يكون فوقذلك العماء هواء أو تحته هواء فله الثبوتالدائم لا على هواء و لا في هواء فإنالسؤال وقع بالاسم الرب و معناه الثابتيقال رب بالمكان إذا أقام فيه و ثبت فطابقالجواب
العماء كالوجود: قديم في القديم حادث فيالمحدث
و لم يصف الحق نفسه في مخلوقاته إلا بقولهيُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِو قال كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ فتخيلمن لا فهم له تغير الأحوال عليه و هويتعالى و يتقدس عن التغيير بل الحالات هيمتغيرة ما هو يتغير بها فإنه الحاكم و لاحكم عليه فجاء الشارع بصفة الثبوت الذي لاتقبل التغيير فلا تصرف آياته يد الأهواءلأن عماءه لا يقبل الأهواء و ذلك العماء هوالأمر الذي ذكرنا أنه يكون في القديمقديما و في المحدث محدثا و هو مثل قولك أوعين قولك في الوجود إذا نسبته إلى الحق قلتقديم و إذا نسبته إلى الخلق قلت محدثفالعماء من حيث هو وصف للحق هو وصف إلهي ومن حيث هو وصف للعالم هو وصف كياني فتختلفعليه الأوصاف لاختلاف أعيان الموصوفين
الكلام القديم و الذكر المحدث
قال تعالى في كلامه القديم الأزلي مايَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْمُحْدَثٍ فنعته بالحدوث لأنه نزل على محدثلأنه حدث عنده ما لم يكن يعلمه فهو محدثعنده بلا شك و لا ريب و هذا الحادث هل هومحدث في نفسه أو ليس بمحدث فإذا قلنا فيهإنه صفة الحق التي يستحقها جلاله قلنابقدمها بلا شك فإنه يتعالى أن تقوم الصفاتالحادثات به فكلام الحق قديم في نفسه قديمبالنسبة إليه محدث أيضا كما قال عند منأنزل عليه كما أنه أيضا من وجوه قدمه نسبتهإلى الحدوث بالنظر إلى من أنزل عليه فهوالذي أيضا أوجب له صفة القدم إذ لو ارتفعالحدوث من المخلوق لم يصح نسبة القدم و لمتعقل فلا تعقل النسب التي لها أضداد إلابأضدادها فقصة الخلق في الظلمة التهيؤ والقبول في الأعيان لظهور الحق في صورالوجود لهذه الأعيان
(السؤال الثاني و الثلاثون) و كيف صفةالمقادير
الجواب المقادير هي الصفات الذاتيةللأشياء فلا صفة لها فهي الحدود المانعةمن هو متصف بها أن تكون صفة لغيره و عندي فيحد الحد نظر
مراتب الحدود الثلاث الذاتية الرسميةاللفظية
فإن أراد بقوله صفة المقادير المنع ويجعله صفة من حيث إنك تعبر عنها بأمر هوعينها بعد علمك بهذا فقل إن هذا صفةالمقدار و إن أردت الحقيقة فلا صفةللمقادير لأن الشيء لا يكون صفة لنفسهفإن قلت فالصفات النفسية ما هي بأمر زائدعلى الذات قلنا صدقت قال فإذا قد وصفتالشيء بنفسه قلت إن كان غير مركب فالوصففيه عين إطلاق لفظ يكون شرحا للفظ آخر عندالسامع يقع به الإفهام عنده و إن كانالشيء مركبا فذلك الوصف للمجموع و حكمالشيء من كونه مجموعا غير حكمه من كونهغير مجموع فأنت إنما ذكرت آحاد ذلكالمجموع المعقول من هذه الجمعية أمرا ماهو عين كل مفرد من هذا المجموع فهذاالشيء الموصوف بصفاته النفسية إنما تلكأسماء آحاده أ لا ترى الذات لا توصف رأسافإنها لذاتها هي ذات و لذاتها لا تقبلالوصف ثم لما قلت الله من حيث المرتبةاستحق أن يوصف من حيث هذا الاسم بما يطلبههذا الاسم من الحقائق التي تعينهاالمحدثات المعبر عنها بالأسماء فما ثمشيء يوصف بنفسه إلا من حيث شرح لفظ بلفظآخر و لذا قسمنا الحدود إلى ثلاث مراتبذاتية و رسمية و لفظية فالمقادير جمعمقدار و الأقدار جمع قدر فلا يلتبس عليكالمقادير بالأقدار فبعض المقادير محلتأثير الأقدار فاعلم فحدود الأمورالذاتية عين مقاديرها فالوزن القدر والموازين المقادير و بها توزن الأشياءفالأمور لا تعلم إلا بحدودها و من لا حد لهفذلك حده فقد علم
(السؤال الثالث و الثلاثون) فما سبب علمالقدر الذي طوى عن الرسل فمن دونهم
الجواب في السؤال حذف و هو أن يقول ما سببطي علم القدر الذي طوى عن الرسل فمندونهم
علم القدر لا يعلم و قد يعلم سره و تحكمهفي الخلائق
فإن كان هذا الرجل يقول بفضل أفضل البشرعلى أفضل الملائكة فكأنه قال الذي طوى عنكل ما سوى الله و إن كان يرى أن أفضلالملائكة أفضل من أفضل البشر فقوله فمندونهم لا يلزم أن من هو أفضل من الرسل طوىعنه علم القدر فقد يمكن عنده أن يكون من هوأعلى يعلم ذلك فبقي الجواب عما يقتضيهالأمر في نفسه هل ثم من يعلم علم القدر أملا قلنا لا و لكن قد يعلم سره و تحكمه فيالخلائق و قد أعلمنا به فعلمناه بحمد اللهو أن مظاهر الحق في أعيان الممكنات المعبرعنها بالعالم هي