و مرتبته فيكون تنزله على قلب لعبد منالغيب في الغيب من عين واحد إلى عين واحدلا يقبل التفصيل و القسم الآخر يكون تنزلهعلى قلب العبد و هو مشغول في تدبير هيكله وطبيعته لا يأخذه عن ذلك و ذلك الإنزال منعين جمع إلى عين جمع ليفصل ما نزل عليهلخلقه مما أجراه لله أو يحكيه حكى لنا عنجماعة منهم أبو البدر عن شيخنا عبد القادررحمه الله أنه قال إن السنة تأتيني إذادخلت فتخبرني بما يكون فيها و يحدث و كذلكالشهر و الجمعة و اليوم و كذلك كان الشيخأبو يعزى أبو النور ببلاد المغرب كان إذادخل رمضان جاءه يعلمه بما قبل فيه من العملو ممن قبل و يقبل و إنما قيدته هنا في حقشيخنا أبي يعزى برمضان لأن صاحبنا أبا زيدالرقراقي الأصولي أخبرني بشهادة هذا فيشهر رمضان إذ كان هذا المخبر عنده في ذلكالوقت فرأى رمضان قد جاءه مخبرا بماذكرناه فلا تعرف منازل الأكوان عند اللهمن طريق التعريف الإلهي و العناية بهذاالمقرب إلا بتعريف الله عباده في أسرارهمبما يلقيه فيها من نفث روح في روع مثل ماكانت الملائكة تنزل على الأنبياء عليهمالسلام بذلك
إن مراتب الخلق متفاضلة
و اعلم أن المراتب التي يكون الخلق عليهامتفاضلة في كل جنس فالرسل يفضل بعضهم بعضاو الأنبياء يفضل بعضهم بعضا و المحققونيفضل بعضهم بعضا و العارفون يفضل بعضهمبعضا و هكذا إلى أصحاب الصنائع العمليةفهذا المنزل يفضل غيره في التجلياتالإلهية المشبه رؤيتها برؤية القمر والشمس بألفي تجل و ثمان تجليات منطويةمندرجة في الألفين المذكورين غير أن هذهالثمانية لها خصوص وصف يظهر في تجلىالمقامات الذي هو مائة و ستة و ستون تجليافعند ذلك يظهر سلطان هذه الثمانية منالتجليات و يعطي من المعارف ما شاء الله أنيعطي و أما الألفان فهي تجليات سريعةالزوال مكثها قليل و لا تعطي علما عاما وأما المائة و الستة و الستون فتعطي منالعلوم العامة السارية في الموجودات وبقائها و ما يكون عنها و بسببها علما عامامجردا خالصا ثابتا لا يتزلزل و لا يشتبه وإن كان حكمه ينتقل منه و فيه و لا يخرج عنهو اختلف أصحابنا هل ثم تجل في هذه التجلياتيتصف بالنقص من حيث الصورة التي يتجلىفيها إذا كانت صورة طبيعية و الطبائعرباعية فيكون التجلي الناقص في الصورةالطبيعية في وقت في العنصر الناري فيكونغير كامل في نفسه و لكن يعطي بحسب ما يعطيهعنصره لا يزيد عليه فإذا كان في تجل آخرانضاف إلى تلك الصورة العنصر الثاني إلىأن يكمل العناصر في أربع تجليات فيقعالتجلي في العنصر الرابع بكمال الصورةالطبيعية على صورة مكملة فيلحق بإخوانه منالتجليات و الأمر عندنا ليس كذلك و لا يصحأن يكون هناك تجل ينقص أو يزيد و إنما هذاالشخص القائل بهذا ظهرت له حالته في عينالتجلي فتخيل أن النقص في التجلي و كانالنقص فيه ثم اتفق أنه لما تجلى له التجليالثاني رأى تلك الصورة التي كان عليها فينفسه قد زاد فيها ما لم يكن و النقص والزيادة فيه فحكم على التجلي بذلك
أن الأرواح النورية المسخرة تنزل علىقلوب العارفين
و اعلم أن الأرواح النورية المسخرة لاالمدبرة تنزل على قلوب العارفين كما قلناهبالأوامر و الشئون الإلهية و الخيرات بحسبما يريده الحق بهذا العبد فترقيه بما نزلتبه إليه ترقية و تخليصا إلى الحجاب الأقربمن الحجب البعيدة إلى أن يتولاه اللهبارتفاع الوسائط غير إن هذا القلب إذافارقته التنزلات الروحية التي يشترك فيهاأهل هذه الطريقة و الحكماء العاملون علىتصفية النفوس و تخليصها من كدر الطبع و قبلأن يتولى الحق أمره بارتفاع الوسائط يمكثمعرى عن الأمرين مثل الوقفة بين المقامينو مثل النومة العامة بين الحس و الخيال وهو مقام الحيرة لهذا القلب فإن الذي كانيأنس إليه و يأخذ عنه قد فقده و الذي يأتيإليه ما رآه بعد فيبقى حائرا و لقد أخبرنيصاحبي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأنصاريالقرطبي و فقه الله عن شيخنا أبي زكرياالحسنى ببجاية قال أخبرني غير واحد منأصحابه و ممن حضر موته أن الشيخ خرج إلىالناس و كان في المسجد الجامع معتكفا فيشهر رمضان و قد غير لباسه الذي كان عليه وقد ظهر فيه التغير فقال لهم ادعوا لي فإنيقد فقدت الذي كان عندي و لم يكن بعد قد حصلله شيء مما يأتي و حار في أمره فطلب منالناس الدعاء له فإنه لم يكن من أهلالأذواق الإلهية لغلبة الفقه عليه ما تخلصله الأمر ثم عاد إلى خلوته فأبطأ عليهمخروجه فدخلوا عليه فإذا هو مسجى قد فارقالدنيا فأشار إليهم بتغيير لباسه إن الذيكان يلبسه قد جرد عنه و الحيرة و الافتقارإلى دعاء الإخوان دلت على أنه ما كان الحقتولى أمره الذي أومأنا إليه ففرحت له بذلكلعل الله يكون قد تولاه قبل موته بلحظةفقبضه إليه و هو عنده و حال العارف في هذهالحيرة و الوقفة التضرع