الشرع الثابت فإنه قد ثبت عند أهل الكشفبأجمعهم أنه لا تحليل و لا تحريم و لا شيءمن أحكام الشرع لأحد بعد انقطاع الرسالة والنبوة من أهل الله فلا يعول عليه صاحب ذلكو يعلم قطعا أنه هوى نفسي إذ كان ذلك الأمرالمحلل أو المحرم في نفس الأمر هذا شرطه ولا يمنع التعريف الإلهي لأهل الله بصحةالحكم المشروع في غير المتواتر بالمنصوصعليه و أما في المتواتر المنصوص إذا وردالتعريف بخلافه فلا يعول عليه هذا لا خلاففيه عند أهل الله من أهل الكشف و الوجود
من يطرأ عليهم التلبيس في أحوالهم و لايشعرون بمكر الله الخفي بهم
فإنه من المنتمين إلى الله من يطرأ عليهمالتلبيس في أحوالهم من حيث لا يشعرون و هومكر خفي و كيد متين إلهي و استدراج من حيثلا يشعرون فإياك أن ترمي ميزان الشرع منيدك في العلم الرسمي و المبادرة لما حكم بهو إن فهمت منه خلاف ما يفهمه الناس ممايحول بينك و بين إمضاء ظاهر الحكم به فلاتعول عليه فإنه مكر نفسي بصورة إلهية منحيث لا تشعر و قد وقعنا بقوم صادقين من أهلالله ممن التبس عليهم هذا المقام و يرجحونكشفهم و ما طهر لهم في فهمهم مما يبطل ذلكالحكم المقرر فيعتمدون عليه في حق نفوسهمو يسلمون ذلك الحكم المقرر في الظاهرللغير و هذا ليس بشيء عندنا و لا عند أهلالله و كل من عول عليه فقد خلط و خرج عنالانتظام في سلك أهل الله و لحقبِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْياوَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْيُحْسِنُونَ صُنْعاً
من يظن أنه في الحاصل و هو في الفائت
و ربما يبقى صاحب هذا الكشف على العملبظاهر ذلك الحكم و لا يعتقده في حق نفسهفيعمله تقريرا للظاهر و يقول ما أعطى مننفسي لهذا الأمر المشروع إلا ظاهري فإنيقد أطلعت على سره فحكمه على سرى خلاف حكمهفي ظاهري فلا يعتقده في سره عند العمل بهفمن عمل على هذا منه فقد حَبِطَ عَمَلُهُوَ هُوَ في الْآخِرَةِ من الْخاسِرِينَفَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوامُهْتَدِينَ و خرج عن أن يكون من أهل اللهو لحق بمن اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ الله عَلى عِلْمٍ فهو يظن أنهفي الحاصل و هو في الفائت فتحفظوا ياإخواننا من غوائل هذا المقام و مكر هذاالكشف فقد نصحتكم و نصحت هذه الطائفة ووفيت بالأمر الواجب علي فيه فمن لم يعلمالفتوة كما ذكرناها فما علمها
الباب السابع و الأربعون و مائة في معرفةمقام ترك الفتوة و أسراره
ترك الفتوة إيثار لخالقنا
فنفيها عين إثبات لها فمتى
فليس يعدمها إلا الفناء فكن
من أهلهفيكون الحق مأواها
هو الفتوة إنحققت معناها
أمتها جاءذاك الموت أحياها
من أهلهفيكون الحق مأواها
من أهلهفيكون الحق مأواها
مقام ترك الفتوة متصف بالنقيضين تمامامثل الحب في الحكم
اعلم أن ترك الفتوة مشيك في حق نفسك و حظهاإذا مشيت في ذلك عن أمر الله لا لما يقتضيهطبع النفس كنت صاحب فتوة فصاحب هذا المقامصاحب فتوة لا فتوة متصف بالنقيضين فالفتوةمثل الحب في الحكم سواء فإن الحب يقضي فيالمحب الاتصاف بالنقيضين إذا اتفق أن يكونأحد النقيضين محبوبا للمحبوب مما يكرههالمحب لكون الحب لا يطلبه و لا يقتضيه
الفتوة هي العمل في حق الغير إيثارا علىحق نفسه
فاعلم أن الإنسان إنما يرغب في الأعمالالتي نص الشارع على عملها أو تركها إن كانتمن التروك ليكون بامتثال ما كلف على حد ماأعطاه الكشف و الايمان و العقل في أعلىالمراتب و لا يكون ذا همة دنية فإذا تعرضله في وقت عملان أعني أمرين من فعل أو تركعمد إلى أفضلهما و
قد ورد الخبر أنه من قتل شخصا و لم يقتل بهفأمره إلى الله إن شاء عفا عنه و إن شاءعذبه
و
قال فيمن قتل نفسه بادرني عبدي بنفسه حرمتعليه الجنة
و لم يجعله في المشيئة و لا جعل لعملهكفارة في ماله فعلمنا أن حق النفس في حقهآكد عليه و أعظم في الحرمة من حق غيره والفتوة العمل في حق الغير إيثارا على حقنفسه و قد قدم الشارع في غير ما موضع أن حقنفس الإنسان عليه أوجب من حق الغير عندالله و الفتى هو الماشي في الأمور بأمرغيره لا بأمر نفسه و في حق غيره لا في حقنفسه لكن بأمر ربه فهما طرفان أحدهما يسوغو هو المشي في الأمور عن أمر الله و الشطرالآخر لا يسوغ في كل موطن
النجاة من ترك الوقوع بين متناقضاتالفتوة و غيرها من متناقضات الحياة
فالعارف إذا أقيم في مقام أداء الحقوق إلىأصحابها و تعينت الحقوق عليه لأصحابها لميتمكن له أن يتفتى مطلقا فيؤثر الغير علىالإطلاق فإنه بأداء حق نفسه يبدأ و إذا بدأبه قدح في شرط الفتوة و إذا لم يبدأ به قدحفي الطرف الآخر من الفتوة الذي هو امتثالأمر الله فيبقى هالكا و التخليص من ذلك أنيقول أنا مؤمن و الله تعالى اشْتَرى منالْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ فنفسي