للحق لا لي فابدأ بها و أوثرها على غيرهامن النفوس من كونها لله لا لي فلهذا تكملالفتوة في تركها المعلوم عند المحجوبين عنإدراك حقائق الأمور فإن مالكها أمرنيبتقديمها في أداء الحقوق
حكاية صاحب السفرة و التدقيق في شأنالفتوة التي هي شرف الفطرة
و أما حكاية صاحب السفرة و هي أن شيخا منالمشايخ جاءه أضياف فأمر تلميذه أن يأتيهبسفرة الطعام فأبطأ عليه فسأله ما أبطأ بكفقال وجدت النمل على السفرة فلم أر منالفتوة إن أخرجهم فتربصت حتى خرجوا مننفوسهم فقال له الشيخ لقد دققت فجعل هذاالفعل من تدقيق باب الفتوة و نعم ما قال ونعم ما فاته فلو قال أحد لهذا الشيخ كيفشهد له بالتدقيق في الفتوة على جهة المدح والأضياف متالمون بالتأخير و الانتظار ومراعاة الأضياف أولى من مراعاة النمل فإنقال الشيخ النمل أقرب إلى الله من حيثطاعتهم لله من الإنسان لما يوجد فيه منالمخالفة و كراهة بعض الأمور التي هي غيرمستلذة قلنا و جلد الإنسان و جوارحه و شعرهو بشره ناطق بتسبيح الله تعالى كالنمل ولهذا تشهد يوم القيامة على النفس الناطقةالكافرة الجاحدة قال تعالى وَ قالُوالِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْناو قال يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْأَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ فهم عدول و شهادتهم مقبولةفكان الأولى مراعاة الأضياف الذين أمرالشارع بتعجيل تقديم الطعام لهم فلو تفتيهذا الخادم و ترك السفرة للنمل و استأذنالشيخ و عرفه بالقصة و نظر في تقديم أمرآخر للاضياف كان أولى و أدق في الفتوة
الباب الثامن و الأربعون و مائة في معرفةمقام الفراسة و أسرارها
إن الفراسة نور النقل جاء به
رب الفراسة من كان الإله له
و ما النهاية إلا أن يقوم به
عكس القضيةفي غيب و إشهاد
لفظ النبيالرسول المصطفى الهادي
عينا و سمعاو ذاك الناشىء الشادى
عكس القضيةفي غيب و إشهاد
عكس القضيةفي غيب و إشهاد
الفراسة نعت إلهى قهرى حكمها متعلقبالشاردين
الفراسة من الافتراس فهو نعت إلهي قهريحكمه في الشوارد خوفا من صاحب هذه الصفة والشرود سببه خوف طبيعي إما على النفس إنتفارق بدنها الذي ألفته و ظهر سلطانها فيهو إما من حيث ما ينسب إليها من الذم الذييطلقه عليها المفترس بالفراسة الطبيعيةأو بالفراسة الإلهية فلهذا لا تتعلق إلابالشاردين لأن الغالب على العالم الجهلبنفوسهم و سبب جهلهم التركيب فلو كانوابسائط غير مركبين من العناصر لم يتصفوابهذا الوصف
المتفرس له علامات في التفرس فيه بتلكالعلامات يستدل عليه و بها يهديه
فاعلم أن الفراسة إذا اتصف بها العبد لهفي المتفرس فيه علامات بتلك العلاماتيستدل و العلامات منها طبيعية مزاجية و هيالفراسة الحكمية و منها روحانية نفسيةإيمانية و هي الفراسة الإلهية و هو نورإلهي في عين بصيرة المؤمن يعرف به إذ يكشفله ما وقع من المتفرس فيه أو ما يقع منه أوما يؤول إليه أمره ففراسة المؤمن أعمتعلقا من الفراسة الطبيعية فإن الفراسةغاية ما تعطي من العلوم العلم بالأخلاقالمذمومة و المحمودة و ما يؤدي إلى العجلةفي الأشياء و الريث فيها و الحركاتالبدنية كلها و سأورد في هذا الباب طرفامنهما أعني من الفراستين بعد تحقيقماهيتهما
الفراسة الإلهية تعطى ما تعطيه الفراسةالطبيعية و زيادة
و الفراسة الإلهية تتعلق بعلم ما تعطيهالفراسة الطبيعية و زيادة و هي إنها تعطيمعرفة السعيد من الشقي و معرفة الحركة منالإنسان المرضية عند الله من غير المرضيةالتي وقعت منه من غير حضور صاحب هذا النورفإذا حضر بين يديه بعد انقضاء زمان تلكالحركة و قد ترك ذلك العمل في العضو الذيكان منه ذلك العمل علامة لا يعرفها إلاصاحب الفراسة فيقول له فيها بحسب ما كانتالحركة من طاعة و معصية كما اتفق لعثمانرضي الله عنه و ذلك أنه دخل عليه رجل فعندما وقعت عليه عينه قال يا سبحان الله مابال رجال لا يغضون أبصارهم عن محارم الله وكان ذلك الرجل قد أرسل نظره فيما لا يحل لهإما في نظره إلى عورة إنسان أو نظر في قعربيت مسكون و ما أشبه ذلك فقال له الرجل أوحي بعد رسول الله (ص) فقال لا و لكنهافراسة أ لم تسمع إلى
قول رسول الله (ص) اتقوا فراسة المؤمن فإنهينظر بنور الله
و عند ما دخلت على رأيت ذلك في عينيك فهذامعنى قولنا إنها تترك علامة في العضو الذيكان منه ذلك العمل المحمود أو المذموم
الفراسة الطبيعية و معطياتها
و الفراسة الطبيعية تعطي معرفة المعتدلفي جميع أفعاله و أقواله و حركاته و سكناتهو معرفة المنحرف في ذلك كله فيفرق بالنظرفي أعضائه و نشأة كل عضو بين الأخرق والعاقل و الذكي و الفطن و الفدم الغمر والشبق و غير الشبق و الغضوب و غير الغضوب والخبيث و غير الخبيث و الخداع المحتال والسليم المسلم و النزق و غير النزق و ماأشبه هذا
الفراسة الإيمانية نور في عين البصيرةكالنور لعين البصر
فاعلم أولا أن الفراسة الإيمانية و بهانبدأ أنها نور