و يريد بقوله جَبَّاراً أي لا أجبر الأمةالتي أرسل إليها بالكتاب و الصلاة والزكاة إنما أنا مبلغ عن الله لا غيرلَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ فأكونجبارا فأجبر و أبلغ عن الله كما قال ياأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَإِلَيْكَ و ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّاالْبَلاغُ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌلَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ فقولهمذكر و المذكر لا يكون إلا لمن كان علىحالة منسية و لو لم يكن كذلك لكان معلما لامذكرا فدل أنه لا يذكرهم إلا بحال إقرارهمبربوبيته تعالى عليهم حين قبض الذرية منظهر آدم في الميثاق الأول ثم قال وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ بمانطقت فيكم به من أني عبد الله فسلمت منانتساب وجودي إلى سفاح أو نكاح وَ يَوْمَأَمُوتُ فأسلم من وقوع القتل الذي ينسبإلى من يزعم أنه قتلني و هو قول بنىإسرائيل إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ(عِيسَى) ابْنَ مَرْيَمَ فأكذبهم اللهفقال وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ فقال لهم إن السلامعليه يوم يموت سالما من القتل إذ لو قتلقتل شهادة و الشهيد حي غير ميت و لا يقالفيه إنه ميت كما ورد النهي عن ذلك عندنا وكذلك لم يزل الأمر فأخبر أنه يموت و لايقتل فذكر السلام عليه يوم يموت ثم ذكر أنالسلام عليه يوم يبعث حيا يعني في القيامةو هو موطن سلامة الأبرياء من كل سوء مثلالأنبياء و غيرهم من أهل العناية فهو صاحبسلامة في هذه المواطن كلها و ما ثم موطنثالث ما هي إلا حياة دنيا و حياة أخرىبينهما موت فهذه كلها لو لم تكن عن أمرإلهي لكانت من قائلها شطحات فإنها كلماتتدل على الرتبة عند الله على طريق الفخربذلك على الأمثال و الأشكال و حاشا أهلالله أن يتميزوا عن الأمثال أو يفتخروا ولهذا كان الشطح رعونة نفس فإنه لا يصدر منمحقق أصلا فإن المحقق ما له مشهود سوى ربهو على ربه ما يفتخر و ما يدعي بل هو ملازمعبوديته مهيا لما يرد عليه من أوامرهفيسارع إليها و ينظر جميع من في الكون بهذهالمثابة فإذا شطح فقدا تحجب عما خلق له وجهل نفسه و ربه و لو انفعل عنه جميع مايدعيه من القوة فيحيي و يميت و يولي و يعزلو ما هو عند الله بمكان بل حكمه في ذلك حكمالدواء المسهل أو القابض يفعل بخاصيةالحال لا بالمكانة عند الله كما يفعلالساحر بخاصية الصنعة في عيون الناظرينفيخطف أبصارهم عن رؤية الحق فيما أتوا به وكل من شطح فعن غفلة شطح و ما رأينا و لاسمعنا عن ولي ظهر منه شطح لرعونة نفس و هوولي عند الله إلا و لا بد أن يفتقر و يذل ويعود إلى أصله و يزول عنه ذلك الزهو الذيكان يصول به فذلك لسان حال الشطح هذا إذاكان بحق هو مذموم فكيف لو صدر من كاذب فإنقيل و كيف صورة الكاذب في الشطح مع وجودالفعل و الأثر منه قلنا نعم ما سألت عنهأما صورة الكاذب في ذلك فإن أهل الله مايؤثرون إلا بالحال الصادق إذا كانوا أهلالله و ذلك المسمى شطحا عندهم حيث لم يقترنبه أمر إلهي أمر به كما تحقق ذلك عنالأنبياء عليهم السلام فمن الناس من يكونعالما بخواص الأسماء فيظهر بها الآثارالعجيبة و الانفعالات الصحيحة و لا يقولإن ذلك عن أسماء عنده و إنما يظهر ذلك عندالحاضرين أنه من قوة الحال و المكانة عندالله و الولاية الصادقة و هو كاذب في هذاكله و هذا لا يسمى شطحا و لا صاحبه شاطحا بلهو كذب محض ممقوت فالشطح كلمة صادقة صادرةمن رعونة نفس عليها بقية طبع تشهد لصاحبهايبعده من الله في تلك الحال و هذا القدركاف في حال معرفة الشطح
الباب السادس و التسعون و مائة في معرفةالطوالع
لا تنظرن إلى طوالع نوره
لو أبصرتها كان شرك ثابتا
إن المجرب للأمور هو الذي
و مجنه نصر الإله فعينه
الطمس رفع الحكم ليس ذهابه
فهي الوجود وما سواها مظهر
فطوالعالتوحيد ما لا تبصر
فبه المحنك ذوالحجى يتحير
بمجنه يلقىفلا يتأثر
فبه يراه و عينهلا تبصر
فهي الوجود وما سواها مظهر
فهي الوجود وما سواها مظهر
الطوالع هي تطلع على قلوب العارفين فتطمسسائر الأنوار
الطوالع عند الطائفة المصطلح عليها أنوارالتوحيد تطلع على قلوب العارفين فتطمسسائر الأنوار و هذه أنوار الأدلة النظريةلا أنوار الأدلة الكشفية النبويةفالطوالع تطمس أنوار الكشف و ذلك أنالتوحيد المطلوب من الله الذي طلبه منعباده و أوجب النظر فيه إنما هو توحيدالمرتبة و هو كونه إلها خاصة فلا إله غيرهو على هذا يقوم الدليل الواضح