من يبول و يغوط و يتمخط من مزاج لا يبول ولا يغوط و لا يتمخط و الأعيان التي هيالجواهر ما فقدت من الوجود حتى تعاد إليهبل لم تزل موجودة العين و لا إعادة فيالوجود لموجود فإنه موجود و إنما هي هيأت وامتزاجات نسبية و أما قولنا بالجواز فيالإعادة في الهيئة و المزاج الذي ذهبفلقوله ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ و ماشاء فإن المخبر عن الله فرق بين نشأةالدنيا و نشأة الأخرى و فرق بين نشأة أهلالسعادة و نشأة أهل الشقاء فنشأة أهلالسعادة لها اللطف و الرقة و لا سيماللمتشرعين المنكسرة قلوبهم الناظرين إلىالرسول دائما بعين حق مع شهود بشريته و إنهمن الجنس و من عادة الجنس الحسد إذا ظهرالتفوق و قد ارتفع عن هؤلاء و لهم فتحالبركات من السماء و الأرض كما لأهلالشقاء فتح العذاب و الزيادة لما زادواهنا من المرض في قلوبهم عند ورود الآياتالإلهية لإثبات الشرائع فكلاهما أهل فتح ولكن بما ذا فاعلم ذلك فإنه في علم الأنفاسدقيق وَ الله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَيَهْدِي السَّبِيلَ
«الفصل الرابع و الأربعون» في اللطيف منالنفس
يرجع كثيفا و ما سببه و الكثيف يرجع لطيفاو ما سببه كالملحن في الرفع و الخفض فيصوته اعلم أن اللطف من المحال أن يرجعكثافة فإن الحقائق لا تنقلب و لكن اللطيفيرجع كثيفا كالحار يرجع باردا و الباردحارا
إن الأرواح إذا تجسدت كثفت
فاعلم أن الأرواح لها اللطافة فإذا تجسدتو ظهرت بصورة الأجسام كثفت في عين الناظرإليها و الأجسام لها الكثافة شفافها و غيرشفافها فإذا تحولت في الصور في عين الرائيأو احتجبت مع الحضور فقد تروحنت أي صار لهاحكم الأرواح في الاستتار و تتنوع الصورعليها كما تتنوع عليها الأعراض بحمرةالخجل و صفرة الوجل و هو انموذج منبئ أنلها قوة التحول في الصور إذا قامت بهاأسباب ذلك فأما سبب كثافة الأرواح و هي منعالم اللطف فلكونهم خلقوا من الطبيعة و إنكانت أجسامهم نورية فمن نور الطبيعة كنورالسراج فلهذا قبلوا الكثافة فظهروا بصورالأجسام الكثيفة كما أثر فيهم الخصام حكمالطبيعة لما فيها من التقابل و التضاد والضد و المقابل منازع لمقابله كقول رسولالله صلّى الله عليه وسلّم فيما حكى اللهعنه ما كانَ لِي من عِلْمٍ بِالْمَلَإِالْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ فوصفهمبالخصومة فمن هذه الحقيقة التي أورثتهمالخصومة تجسدوا في صور الأجسام الكثيفة وأما الكثيف يرجع لطيفا فسببه التحليل فإنالكثائف من عالم الاستحالة و كل ما يقبلالاستحالة يقبل الصور المختلفة والمتضادة و أظهر ما يكون ذلك في أهلالتلحين فالصوت بما هو صوت لا تتبدل صورتهفيغلظه الملحن في موضع و يرققه في موضعبحسب الرتبة التي يقصدها ليؤثر بذلك فيطبيعة السامعين ما شاء من فرح و سرور وانبساط أو حزن و هم و انقباض و لهذا جعلواذلك في الموسيقى في أربعة في البم و الزيرو المثنى و المثلث فإن المحل الذي يريدونأن تؤثر فيه هذه الأصوات مركب من مشاكلتهامن مرتين و دم و بلغم فيهيج سماع هذا الصوتما يشاكله من الأخلاط التي هو عليهاالسامع فيكون الحكم بسبب معين يقصدهالملحن حتى يكون له ذلك سببا إلى معرفةالأصل في قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنالِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ فهو قصدالملحن أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فأتىبالكلام الذي هو الصوت الممتد و المنقطعفي المخارج لإظهار أعيان الحروف التي تقعبها الفائدة عند السامع أ لا ترى إلى صوتالسنانير و إن لم يكن لهم حروف تتقطع فينفسها يغيرون أصواتهم لتغير أحوالهمليعرفوا السامع ما يقصدونه بذلك الصوتفعند الجوع يرق صوت السنور و يخفى و يلطف وعند الهياج يغلظ و يجهل و يتتابع فيعلم منصوته أنه هائج أو أنه جائع فيؤثر ذلك فينفس السامع بحسب قبوله إما رقة و حنانافيطعمه و إما غير ذلك ثم إن في هذا البابيظهر تجلى الحق في الصور التي ينكر فيها أويرى فيها في النوم فيرى الحق في صورة الخلقبسبب حضرة الخيال فإن الحضرات تحكم علىالنازل فيها و تكسوه من خلعها ما تشاء أينهذا التجلي من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌو من سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِعَمَّا يَصِفُونَ فالحكم للحضرة و الموطنلأن الحكم للحقائق و المعاني توجب أحكامهالمن قامت به و إذا كان هذا الحكم في العلمالإلهي فظهوره في أعيان المحدثات أقربمأخذ الوجود المناسبة الإمكانية وَ اللهيَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
«الفصل الخامس و الأربعون» في الاعتمادعلى أصل المحدثات
أصل المحدثات هو ما ترجع إليه بعد فراغهامن النظر في ذاتها و هو في
قول الشارع من عرف نفسه عرف ربه
و قد تكون المعرفة بالله الحاصلة بعدالمعرفة بالنفس علما بالعجز