بها
الأولياء الكافرون
و منهم الكافرون و هم الساترون مقامهم مثلالملامية و الكفار الزراعون لأنهم يسترونالبذر في الأرض و ذلك أن أهل الأنس والجمال و الرحمة إذا نظروا في القرآن و فيالأشياء كلها لم تقع عينهم إلا على حسن وجمال لا على غير ذلك كان ذلك ما كان و إذاقرءوا القرآن لم يقم لهم من صور الممقوتينإلا ما تتضمنه من مصارف الحسن فعلى ذلك تقعأعينهم و ذلك يشهدهم الحق من تلك الآيةالتي وصف الله بها من مقته من عباده لقيامتلك الصفة به على حد مطلقها فيأخذون من كلصفة ما يليق بهم في طريقهم فيصرفون ذلكإليهم بالوجه الأحسن فيتنعمون بما هو عذابعند غيرهم و الصورة واحدة و المتصور مختلفمنها لاختلاف الناظرين فلكل منظر عين تخصهفالكافر من ختم الله عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِغِشاوَةً و الكافر من الأولياء من كان ختمالحق على قلبه لأنه اتخذه بيته
فقال ما وسعني أرضي و لا سمائي و وسعني قلبعبدي
و الله غيور فلا يريد أن يزاحمه أحد منخلقه فيه كما ختم الحرم فلم يحل لأحد قتلصيده و لا قطع شجره فإن الله لا ينظر إلاإلى قلب العبد فلما ختم الله على قلب هذاالعبد لم يدخل في قلبه سوى ربه و ختم علىسمعه فلا يصغي إلى كلام أحد إلا إلى كلامربه فـ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وعَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً و هي غطاءالعناية فلا ينظرون إلى شيء إلا و لهمفيه آية تدل على الله فكان هذا الحفظ غشاوةتحول بين أعينهم و بين النظر من غير دلالةو لا اعتبار و حالت بينهم و بين ما لا ينبغيأن ينظر إليه فهي غشاوة محمودة وَ لَهُمْعَذابٌ من العذوبة عَظِيمٌ يعني عظيمالقدر فإن العذاب إنما سماه الله بهذاالاسم إيثارا للمؤمن فإنه يستعذب ما يقومبأعداء الله من الآلام فهو عذاب بالنظرإلى هؤلاء و منهم الصم البكم العمي الذينلا يَعْقِلُونَ و لا يَرْجِعُونَ فهمصُمٌّ عن سماع ما لا يحل سماعه و عن سماع كلكلام غير كلام سيدهم بُكْمٌ أي خرس فلايتكلمون بما لا يرضى سيدهم كما كان أولئكبكم عن الكلام بذكر الله فاختلف المصرف وصح الوصف عُمْيٌ فلا تقع عينهم على غيرالله فاعلا في الأشياء و كل واحد منالأولياء على قدر مقامه في ذلك من المعرفةبالله فإنهم تختلف مأخذهم في المحمود منذلك و لا يتسع الوقت لتفصيل ذلك و حصلتالفائدة بالتنبيه على اليسير من ذلكفَهُمْ لا يَرْجِعُونَ إلا إلى الله و لايَعْقِلُونَ إلا عن الله لا يرجعون إلىالمصارف المذمومة من هذه الصفات حيث وصفبها الأشقياء من عباده فهم لا يعقلون منهذه الصفات سوى ما يحمد منها في صرفه فهيكل صفة بحقيقتها في كل موصوف بها و اختلفوافي المصرف فلم يكن اتصافهم بها مجازا بل هوحقيقة
الأولياء الظالمون
و منهم الظالمون قال تعالى ثُمَّأَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنا من عِبادِنا و المصطفى هوالولي ثم قال في المصطفين فَمِنْهُمْظالِمٌ لِنَفْسِهِ و هو أن يمنعها حقها منأجلها أي الحق الذي لك يا نفسي علي فيالدنيا يؤخره لك إلى الآخرة و بادر هنا إلىالكد و الاجتهاد و خذ بالعزائم و اجتنبالميل إلى الرخص و هذا كله حق لها فهو ظالملنفسه نفسه من أجل نفسه و لهذا قال فيمناصطفاه فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ أيمن أجل نفسه ليسعدها فما ظلمها إلا لها
الأولياء الذين هم عن صلاتهم ساهون بصلاةالله بهم
و منهم الساهون و هم الَّذِينَ هُمْ عَنْصَلاتِهِمْ ساهُونَ بصلاة الله بهم فهميرون أن نواصيهم بيد الله يقيمهم فيها ويركع بهم و يسجد بهم و يقرأ بهم و يكبر بهمو يسلم بهم لأنه سمعهم و بصرهم و لسانهم ويدهم و رجلهم كما ورد في الخبر و من كان هذامشهده و حاله فهو عن صلاته ساه فإنه لم يقلعن الصلاة فإنه ليس بساه عن الصلاة و إنماسهوهم عن إضافة الصلاة إليهم فلهذااعتبروا قوله عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ والويل الذي لهم إنما هو بالنظر لمن جمع فينظره بين صلاته و صلاة الله به فإنه الأكملفإذا قست بين الرجلين في هذين المقامينالكبيرين نقص أحدهما ما كان خيرا في حقالآخر الجامع لهما فيكون ذلك النقص ويلاله بالإضافة
حسنات الأبرار سيئات المقربين
و جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها
الأولياء المراؤون
و منهم المراؤون الذين يُراؤُنَ النَّاسَو هم الذين يفعلون الفعل ليقتدي بهم فيهعلماء هذه الأمة يعلمون الناس بالفعليقصدون تعليمهم إذ كان الفعل أتم عندالرأي من القول كما
قال عليه السلام صلوا كما رأيتمونى أصلي
مع كونه وصف الصلاة لهم و مع هذا كله صلىعلى المنبر ليراه الناس فيقتدوا به و هكذافي كل ما يمكن من الأعمال هذا حظ الأولياءمن الرياء في الأفعال المقربة إلى الله
الأولياء المانعون الماعون
و منهم المانعون الماعون و حظهم من هؤلاءأن يحجبوا الناس عن رؤية الأسباب ليصرفوانظرهم إلى مسببها فلا معين إلا الله قيللهم قولوا وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لابالماعون و منهم الهمازون اللمازون و همالعيابون و أولياء الله يطلعون كل شخص علىعيوب