على الإطلاق و لو افتقر بنوع ما فليس بغنيمطلق و لكان من جملة العالم فيكون علامةتدل على مرجحه فهو غني على الإطلاق و من لههذا الغني ثم أوجد العالم فما أوجدهلافتقاره إليه و إنما أوجد العالم للعالمإيثارا له على انفراده بالوجود و هذا هوعين الفتوة
صورة الفتوة في خلق الله العالم
و من الفتوة الإلهية الخبران القرآني والنبوي فأما القرآن فقوله وَ ما خَلَقْتُالْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ و صورة الفتوة هنا إنهخلقهم لينعمهم بالوجود و يخرجهم من شرالعدم و يمكنهم من التخلق بالأسماءالإلهية و يجعل منهم خلفا و هذا كله إيثارلهم على انفراده بكل ما استخلفهم فيه ثمعلم إن الامتنان يقدح في النعمة عندالمنعم عليه فستر ذلك إيثارا لهم بقوله وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَإِلَّا لِيَعْبُدُونِ فأظهر أنه خلقهم منأجله لا من أجلهم
خلق الأشياء من أجل الإنسان و خلقالإنسان من أجل الرحمن
و
في الخبر النبوي الموسوي أنه تعالى خلقالأشياء من أجلنا و خلقنا من أجله
و ستر بهذا قوله وَ إِنْ من شَيْءٍإِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ليفهمالجميع بإعلامه أنهم يسبحون بحمده حتى لانشم فيه رائحة الامتنان ففي الخبر الموسويحكم الفتوة أنه خلق الأشياء من أجلناإيثارا لنا على انفراده بالوجود كما خلقناو قوله وَ إِنْ من شَيْءٍ إِلَّايُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ غطاء حتى لا يشم فيهرائحة المنة مثل قوله في حقنا إِلَّالِيَعْبُدُونِ سواء
اثبات الأعيان الثابتة التي ذهبت إليهاالمعتزلة
و أما الخبر النبوي الثاني من الخبرين فما
روى عن رسول الله (ص) عن الله سبحانه أنهقال كنت كنزا لم أعرف فأحببت إن أعرف فخلقتالخلق و تعرفت إليهم فعرفوني
ففي قوله كنت كنزا إثبات الأعيان الثابتةالتي ذهبت إليها المعتزلة و هي قولهإِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ
المحبة لا تتعلق إلا بمعدوم
فهذا الخبر من الفتوة كيف كنى عن نفسه أنهأحب أن يعرف و من هذه صفته غطى على ما يجبله من الغني المطلق لأن المحبة لا تتعلقإلا بمعدوم و قد يكون ذلك المعدوم في معدومأو في موجود فإن كان في معدوم فلا بد أيضامن وجوده حتى يظهر فيه ما أحب إيجاده و إنكان في موجود فأظهر فيه ما أحببته فلا بدأن يكون ما ذكره سترا على الغني المطلق وإيثار الجناب هذا المحبوب حيث تعلق به منله الغني فيورثه عزة في نفسه حيث كانمقصودا لمن له صفة الغني
سبب الوجود هو ظهور الكمال الوجودي والعلمي
و كان سبب الوجود إن الوجود و العلم طلبابالحال من الله كمال مرتبتهما في التقسيمالعقلي فأوجدهما منة لظهور الكمالالوجودي و العلمي هذا أصله منة منه فأعرضعن هذا و نسب وجود العالم لمحبته أن يعرفحتى لا يشم منه كمال الوجود و العلم رائحةالمنة أيضا كما ذكر في القرآن سواء و إذاكان الحق قد نزل مع عباده في مكارم الأخلاقالتي هي الفتوة إلى هذا الحد فالعبد أولىبهذه الصفة أن يتخلق بها
الفتوة إظهار المنن و الآلاء و سترالعطاء و الاستعلاء
فالفتوة على الحقيقة إظهار الآلاء والمنن و ستر المنة و الامتنان كما قال لاتُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى تخلقا إلهيا فإنه سبحانه تصدقعلينا بالوجود و المعرفة به و ما من علينابذلك و أما قوله بَلِ الله يَمُنُّعَلَيْكُمْ معناه أنه لو من لكان المن للهلما منوا عليه (ص) بالإسلام قال الله تعالىيَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قالالله لمحمد (ص) قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّإِسْلامَكُمْ ثم آثر محمدا (ص) على نفسهسبحانه حتى لا يجعل له نعتا فيما أجرى عليهلسان ذم فقال له قل لهم بَلِ الله يَمُنُّعَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ ولو شاء لقال بل أنا أمن عليكم إن هداكمالله بي للإيمان الذي رزقكم بتوحيده وأسعدكم به فما جعله تعالى محلا للمن هذا منالفتوة الإلهية التي لا يشعر بها
حكم الفتوة موجود في الحق و إطلاقها عليهلم يرد في الشرع
فحكمها موجود في الحق و إطلاقها لم يرد لافي كتاب و لا سنة كما يعلم قطعا أنه لا فرقبين قولنا علمت الشيء و عرفته و أنا عالمبالشيء أو عارف و مع هذا ورد إطلاق اسمالعالم و العليم و العلام عليه تعالى و ماورد إطلاق الاسم العارف عليه فما يلزم منالأمر الذي لله منه حكم أن يطلق عليه منهاسم فأسماؤه من حيث إطلاقها عليه موقوفةعلى ورودها منه فلا يسمى إلا بما سمي بهنفسه و إن علم فيه مدلول ذلك الاسمفالتوقيف في الإطلاق أولى
الفتوة و الشطح
و ما فعل هذا سبحانه كله إلا ليعلم الخلقالأدب معه إذا و قد علم إن من أهل الله منله شطحات ليتأدبوا فلا يشطحوا فإن الشطحنقص بالإنسان لأنه يلحق نفسه فيه بالرتبةالإلهية و يخرج عن حقيقته فيلحقه الشطحبالجهل بالله و بنفسه و قد وقع من الأكابرو لا أسميهم لأنه صفة نقص و أما رعاع الناسفلا كلام لنا معهم فإنهم رعاع بالنظر إلىهؤلاء السادة و إذا وقع مثل هذا من السادةفعليهم يقع العتب منا و قد يشطح أيضاالأدنى على الأعلى كمثل الشطحات على مراتبالأنبياء و هي أعظم عند الله في المؤاخذةمن شطحهم على الله فإن مرتبة الإله تكذبهمبالحال و عند السامع و أما شطحتهم علىالأنبياء فموضع شبهة يمكن أن تقبل الصحةفي نفس الأمر فيغتر بها السامع الحسن الظنبه الذي