للقطب بجوع اضطرارا لا اختيارا و يصبر عنالنكاح كذلك لعدم الطول يعلم من تجلىالنكاح ما يحرضه على طلبه و التعشق به فإنهلا يتحقق له و لا لغيره من العارفينعبوديته أكثر مما يتحقق له في النكاح لا فيأكل و لا في شرب و لا في لباس لدفع مضرة و لايرغب في النكاح للنسل بل لمجرد الشهوة وإحضار التناسل في نفسه لأمر مشروع والتناسل في ذلك للأمر الطبيعي لحفظ بقاءالنوع في هذه الدار فإن نكاح صاحب هذاالمقام كنكاح أهل الجنة لمجرد الشهوة إذهو التجلي الأعظم الذي خفي عن الثقلين إلامن اختصه الله به من عباده و على هذا يجرينكاح البهائم لمجرد الشهوة لكن غاب عن هذهالحقيقة كثير من العارفين فإنه من الأسرارالتي لا يقف عليها إلا القليل من أهلالعناية و لو لم يكن فيه من الشرف التامالدال على ما تستحقه العبودية من الضعفإلا ما يجد فيه من قهر اللذة المفنية له عنقوته و دعواه فهو قهر لذيذ إذ القهر منافللالتذاذ به في حق المقهور لأن اللذة فيالقهر من خصائص القاهر لا من خصائصالمقهور إلا في هذا الفعل خاصة و قد غابالناس عن هذا الشرف و جعلوه شهوة حيوانيةنزهوا نفوسهم عنها مع كونهم سموها بأشرفالأسماء و هو قولهم حيوانية أي هي من خصائصالحيوان و أي شرف أعظم من الحياة فمااعتقدوه قبحا في حقهم هو عين المدح عندالعارف المكمل هذا مضى بسبيله و أما حبالقطب الجمال المقيد المندرج في الجمالالمطلق فذلك لقربه في المناسبة إلى الجمالفلا يحتاج فيه إلى غور بعيد و قوة يشق بهاحجاب قبح الطبع إلى إدراك الجمال الإلهيالمودع في ذلك القبح فالجمال المقيد يعطيهبأول وهلة مقصوده حتى يتفرغ إلى أمر آخرآكد عليه من مقاومة القبح الطبيعي لإدراكالجمال المطلق إذا لا نفاس عزيزة في دارالتكليف و يريد أن لا يكون له نفس إلا و قدتلقاه بأحسن أدب و صرفه بأحسن خلعة و زينةو قد غاب عن هذا القدر من المعرفة جماعة منالعارفين و أنفت نفوسهم من ذلك لمشاركةأهل الأغراض من العامة فيه و ما علموا إنهذا الرجل له مشاهدة الجمال المطلق فيالجمال المقيد و في غيره بخلاف العامة
إن الأقطاب هم رجال الكمل
و اعلم أن القطب هو الرجل الكامل الذي قدحصل الأربعة الدنانير الذي كل دينار منهاخمسة و عشرون قيراطا و بها توزن الرجالفمنهم ربع رجل و نصف و ثمن و سدس و نصف سدس وثلاثة أرباع و رجل كامل فالدينار الواحدللمؤمن الكامل و الدينار الثاني للوليالخاص و الدينار الثالث للنبوتين والدينار الرابع للرسالتين أعني الأصليةبحكم الأبوة و الوراثة بحكم البنوة فمنحصل الثاني كان له الأول و من حصل الثالثكان له الثاني و الأول و من حصل الرابع حصلالكل و القطب من الرجال الكمل و إنما قلنامن الرجال الكمل من أجل الأفراد فإنهممكملون و من أحوال القطب تقرير العادات والجري عليها و لا يظهر عليه خرق عادة دائماكما يظهر على صاحب الحال و لا يكون خرقالعادة مقصودا له بل تظهر منه و لا تظهرعنه إذ لا اختيار له في ذلك كما قال العارفأبو السعود بن الشبل في الرجل يتكلم علىالخاطر و ما هو مع الخاطر فيكون في حقهبحكم الاتفاق الوجودي و في حق الله بحكمالإرادة و القصد فقد بينا بحمد اللهالضروري الخاص من أحوال القطب و بينارتبته لمن جهلها و أن الرجولية ليست فيمايتخيله الجهال من عامة الطريق بطريق اللهفينحجبون بالحال عما يقتضيه العلم والمقام فيقولون كل علم لا يكون بالحالفليس بشيء فقل له لا تقل ذلك يا أخي فإنهخلاف الأمر و إنما الصحيح أن تقول كل علملا يكون عن ذوق فليس بعلم أهل الله فأراكلا تفرق بين الحال و الذوق و ما ثم علم قطإلا عن ذوق لا يكون غير هذا و المتمكن فيالعبودة لا حال له البتة يخرجه عن عبودتهفلو لم يكن في الأحوال من النقص إلا أنهاتخرج العبد عن مقامه إلى ما لا يستحقه و لاهو حق له حتى أنه لو مات في حال الحال لماتصاحب نقص و حشر صاحب نقص فليست الأحوال منمطالب الرجال لكن الأذواق مطالبهم و هيلهم لما يحصل لهم فيها من العلوم بمنزلةالأدلة لأصحاب النظر فيها فالله يجعلناممن فهم ففهم عن الله مراده وَ اللهيَهْدِي من يَشاءُ إِلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ و في هذا الباب من العلوم علمما يستند إليه من الحضرة الإلهية و علمنسبة بنى آدم إلى الله من أسماء مخصوصة وعلم ما يتقى و يحذر من العالم الروحاني وعلم رجعة العالم الروحاني من أين و إلى أينو علم الصدور البشري