(السؤال السادس و العشرون) ما بدء الروح
الجواب أهل الطريق يطلقون لفظ الروح علىمعان مختلفة فيقولون فلان فيه روح أي أمررباني يحيي به من قام به يعني قلبه ويطلقون الروح على الذي سئل عنه رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم و يطلقون الروح ويريدون به الروح الذي ينفخ فيه عند كمالتسوية الخلق و الذي مدار الطريق عليه هوالروح الذي يجده أهل الله عند الانقطاعإليه بالهمم و العبادة فأكثر ما يقع عنهالسؤال منهم غالبا فيكون قوله ما بدءالروح أي ما ابتداء حصوله في قلب العارف
نفس الرحمن و بدء الروح الذي يجدهالعارفون
فتقول إن بدء الروح في نفوس أهله الذينأهلهم الله لتحصيله إن نفس الرحمن إذاتحكمت في نفوسهم المجاهدات التي تعطيهمرؤية الأغيار عرية عن رؤية الله فيها وأنها حائلة و قاطعة بين الله و بين هذاالعبد فيكون صاحب هذه المجاهدة صاحب قبض وهم و غم و حجب يريد رفعها فتهب عليه من نفسالرحمن في باطنه ما يؤديه إلى رؤية وجهالحق في هذه القواطع على زعمه و في هذهالحجب و الأشياء التي يجاهد نفسه في قطع مايتعرض إليه منها في طريقه فيريه ذلك النفسوجه الحق في كل شيء و هو العين و الحافظعليه وجودها فلم ير شيئا خارجا عن الحقفزال تعبه من حيث ما يريد قطعها و يتألمعند ذلك ألما شديدا حيث يتوهم عدم تلكالمعرفة ثم يعقب ذلك سرور عظيم لوجود هذاالنفس فيحيي به معناه و يصير به روحا و هوقوله أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً منأَمْرِنا ما هو تحت كسبك و لا تعلق لك خاطربتحصيله ما كُنْتَ تَدْرِي ما الْكِتابُوَ لا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُنُوراً نَهْدِي به من نَشاءُ من عِبادِنافهذا العارف ممن شاء من عباده فيقال فيهعند ذلك إنه ذو روح و يقال فيه إنه حي و قدالتحق بالأحياء و هو قوله أَ وَ من كانَمَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُنُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ و من لَمْيَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً و هو هذا الروحفَما لَهُ من نُورٍ فكان بجعل الله و لميضفه إلى الاكتساب فإنه مجهول العين لعدمالذوق فهذا معنى بدء الروح الذي يجدهالعارفون في الطريق و هو مقصود السائلين وهو نور من حضرة الربوبية لا من غيرها وأصله من الروح الذي هو من أَمْرِ رَبِّي أيمن الروح الذي لم يوجد عن خلق فإن عالمالأمر كل موجود لا يكون عند سبب كونييتقدمه و لكل موجود منه شرب و هو الوجهالخاص الذي لكل موجود عن سبب و عن غير سببفعن هذا الروح يكون هذا الروح المسئول عنهالذي يجده أهل هذا الطريق
(السؤال السابع و العشرون) ما بدء السكينة
الجواب مطالعة الأمر بطريق الإحاطة من كلوجه و ما لم يكن ذلك فالسكينة لا تصح قالإبراهيم عليه السلام أَرِنِي كَيْفَتُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْتُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْلِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فجعل الطمأنينةبدء السكينة لما اختلفت عليه وجوه الأحياءفكانت تجاذبه من كل ناحية فلما أشهده اللهالكيفية سكن عما كان يجده من القلق لتلكالجذبات التي للوجوه المختلفة
حصول المطلوب أو اليأس منه هو بدءالسكينة
قال بعضهم
إنما أجزع مما اتقى *** فإذا حل فما لي والجزع
و كذا أطمع فيما أبتغي *** فإذا فات فما لي والطمع
فحصول المطلوب أو الياس من تحصيله بدءالسكينة فيما يطلب و كذلك على ما يليق بهيكون ما يخاف منه فاعلم ذلك
التجلي الذي هو ذوق هو بدء جعل السكينة فيالقلب
فإذا أكمل الإنسان شرائط الايمان وأحكمها حصل من الحق تجل لقلب هذا المؤمنالذي هو بهذه الصفة يسمى ذلك التجلي ذوقاهو بدء جعل السكينة في قلبه لتكون تلكالسكينة له بابا أو سلما إلى حصول أمر مغيبيقع له الايمان به فيكون معه وجود السكونلما أعطاه الأمر الأول لكونه يصير أمرامعتادا مثل سكون من تعود الأسباب إلىالأسباب و لا يكون ذلك عن غيب أصلا بل عنذوق و هو المعاينة فإن الإنسان إذا كانعنده قوت يومه سكنت نفسه لما يعطيه قلقيومه لمعاينة ما عنده بحصوله تحت ملكه فإنحصل الايمان عنده بهذه المثابة تحت حكمهفهو صاحب سكينة و إن كان الإنسان تحت حكمالايمان نازعه العيان فلم تحصل سكينة
المعاني التي تتصف بها القلوب وعلاماتها
و اعلم أن المعاني التي تتصف بها القلوبقد يجعل الله علامة على حصولها في نفوس منشاء من عباده أن يحصلها فيه علامات من خارجتسمى تلك العلامة باسم ذلك المعنى الذييحصل في نفسه من الله و إنما يسميه بهليعلم أن تلك العلامة لحصول هذا المعنىنصبت مثل قوله تعالى في تابوت بنى إسرائيلإن الله قد جعل فيه سكينة و هي صورة على شكلحيوان من الحيوانات اختلف الناس في أي