أصلا و لهذا وصف الحق نفسه بالرضا و الغضبو الرحمة و الانتقام و الحلم و القهرفالاعتدال لا يصح معه وجود و لا تكوين أ لاترى أنه لو لا التوجه الإلهي على إيجاد كونما ما وجد و لو لا ما قال له كن ما تكون فلماكانت كمية الحرارة أكثر من غيرها في الجسمأعطته الحركة و ما ثم خلاء إلا ما عمره هذاالجسم و لا بد له من الحركة فتحرك في مكانهو هي حركة الوسط لأنه ليس خارجه خلاءفيتحرك إليه و الحركة تطلبها الحرارة و هيحركة في الجميع من انتقال و أظهر الله صورالعالم كله في هذا الجسم على استعداداتمختلفة في كل صورة و إن جمعها جسم واحد وحاكم واحد فقبلت الصور الأرواح من النفسالرحماني كما قبلت الحروف المعاني عندخروجها لتدل على المعنى الذي خرجت له و ظهرحكم الزمان بالحركة فظهرت الصور بالترتيبفقبلت التقدم و التأخر الزماني و ظهر حكمالأسماء الإلهية بوجود هذه الصور و ماتحمله و قد ذكرنا في عقلة المستوفز ترتيبوجود العالم كيف كان و لله كما ذكرنا فيهوجه خاص و في كل ما وجد فيه و عن ذلك الوجهالخاص وجد و لا يعرف السبب قط ذلك الوجهالخاص الذي لمسببه المنفعل عنه و لا عقل ولا نفس إلا الله خاصة و هو رقيقة الجودفتحرك بالوجود الإلهي لا بفعل النفس و هيحركة النفس الرحماني لإيجاد الكلمات فسوىالعرش و وحد فيه الكلمة الرحمانية ثم أوجدصورة الكرسي و انقسمت فيه الكلمة و تدلتإليه القدمان و لهذا التدلي انقسمت الكلمةفله الخلق و الأمر و كان انقسامها إلى حكمو خبر ثم أدار الفلك الأطلس بتوجه خاصلحكمة أخفاها عمن شاء و أظهرها و قسمه علىاثني عشر مقدارا فعمت المقادير و جعلهابروجا لأرواح ملكية على طبائع مختلفة سميكل برج باسم ذلك الملك الذي جعل ذلكالمقدار برجاله يسكنه كالأبراج الدائرةبسور البلد و كمراتب الولاة في الملك و هيالبروج المعلومة عند أهل التعاليم و لكلبرج ثلاث وجوه فإن العقل الأول له ثلاثوجوه و إن كان واحدا و ما من حقيقة تكون فيالأول إلا و لا بد أن يتضمنها الثاني ويزيد بحكم لا يكون للأول إذا كان المتقدمغير الله و
إن الله مع كل شيء
أما الله فهو مع كل شيء فلا يتقدمه شيءو لا يتأخر عنه شيء و ليس هذا الحكم لغيرالله و لهذا له إلى كل موجود وجه خاص لأنهسبب كل موجود و كل موجود واحد لا يصح أنيكون اثنين و هو واحد فما صدر عنه إلا واحدفإنه في أحدية كل واحد و إن وجدت الكثرةفبالنظر إلى أحدية الزمان الذي هو الظرففإن وجود الحق في هذه الكثرة في أحدية كلواحد فما ظهر منه إلا واحد فهذا معنى لايصدر عن الواحد إلا واحد و لو صدر عنه جميعالعالم لم يصدر عنه إلا واحد فهو مع كلواحد من حيث أحديته و هذا لا يدركه إلا أهلالله و تقوله الحكماء على غير هذا الوجه وهو مما أخطأت فيه و جعل الله لكل وال ساكنفي هذا البرج أحكاما معلومة عن