ضربين ضرب أوجده بوجود أسبابه مثل صنائعالعالم كالتابوت للنجار و الحائط للبناء وجميع صنائع العالم و الكل صنعته تعالى والإضافة إلى النجار و إن كان النجار مااستقل في عمل التابوت بيده فقط بل بآلاتمتعددة من الحديد و غير ذلك فهذه أسبابالتجارة و ما أضيف عمل التابوت إلى شيءمنها بل أضيف التابوت من كونه صنعة لصانعهو لم يصنع إلا بالآلة ثم ثم إضافة أخرى و هوإن كان النجار صنع في حق نفسه أضيف التابوتإليه لأنه ملكه و هو قوله وَ ما خَلَقْتُالْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ فـ لَهُ مُلْكُالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و إن كان الخشبلغيره فالتابوت من حيث صنعته يضاف إلىالنجار و من حيث الملك يضاف للمالك لا إلىالنجار فالنجار آلة للمالك و الله ما نفىإلا الشريك في الملك لا الشريك في الصنعةأَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُتَبارَكَ الله رَبُّ الْعالَمِينَ و أماالضرب الثاني فهو ما أوجده لا بسبب و هوإيجاده أعيان الأسباب الأول فإذا كبرت ربكعن الولي و الشريك فقيده في ذلك بما قيدهالحق و لا تطلق فيفتك خير كثير و علم كبير وكذلك قوله و كبره أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداًفإن الولد للوالد ليس بمتخذ لأنه لا عمل لهفيه على الحقيقة و إنما وضع ماء في رحمصاحبته و تولى إيجاد عين الولد سبب آخر والمتخذ الولد إنما هو المتبني كزيد لماتبناه رسول الله (ص) فقال لنا وَ قُلِالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْيَتَّخِذْ وَلَداً لأنه لو اتخذ وَلَداًلَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُفكان يتبنى ما شاء فما فعل فعل من لم يتخذولدا و قوله تعالى لَمْ يَلِدْ ذلك ولدالصلب فليس له تعالى ولد و لا تبنى أحدافنفى عنه الولد من الجهتين لما ادعت طائفةمن اليهود و النصارى أنهم أبناء الله وأرادوا التبني فإنهم عالمون بآبائهم وقالوا في المسيح إنه ابن الله إذ لم يعرفواله أبا و لا تكون عن أب لجهلهم بما قال اللهمن تمثل الملك لمريم بَشَراً سَوِيًّا وجعله الحق تعالى روحا إذ كان جبريل روحافما تكون عيسى إلا عن اثنين فجبريل وهب لهاعيسى في النفخ فلم يشعروا لذلك كما ينفخالروح في الصورة عند تسويتها فما عرفواروح عيسى و لا صورته و إن صورة عيسى مثلتجسد الروح لأنه عن تمثل فلو تفطنت لخلقعيسى لرأيت علما عظيما تقصر عنه أفهامالعقلاء فإذا كبرت ربك فكبره كما كبر نفسهتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا و همالذين يكبرونه عما لم يكبر نفسه
في قوله يفرح بتوبة عبده و يتبشبش إلى منجاء إلى بيته و يباهي ملائكته بأهل الموقفو يقول جعت فلم تطعمني
فأنزل نفسه منزلة عبده فإن كبرته بأنتنزهه عن هذه المواطن فلم تكبره بتكبيرةبل أكذبته فهؤلاء هم الظالمون على الحقيقةفليس تكبيره إلا ما كبر به نفسه فقف عندحدك و لا تحكم على ربك بعقلك
(الفصل التاسع في الذكر بالتهليل)
هذا هو ذكر التوحيد بنفي ما سواه و ما هوثم فإن لم يكن ثم و نفيت النفي فقد أثبت فإنالله تعالى يقول وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّاتَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فما عبد فيماعبد إلا الله
ما المراد بالتوحيد
و هذا التوحيد على ستة و ثلاثين أعنيالواردة في القرآن من حيث ما هو كلام اللهفمنه ما هو توحيد الواحد و لهذا يرى بعضالعلماء الإلهيين إن الله هو الذي وحدالواحد و لو لا توحيده لم يكن ثم من يقالفيه إنه واحد فوحدانيته أظهرت الواحد ومنه ما هو توحيد الله و هو توحيد الألوهيةو منه ما هو توحيد الهوية و لنذكر هذا كلهفي هذا الفصل و ما له تعالى في هذا التهليلمن الأسماء الإلهية و لا نزيد على ما وردفي القرآن من ذلك و هو ستة و ثلاثون موضعا وهي عشر درجات الفلك الذي جعل الله إيجادالكائنات عند حركاته من أصناف الموجوداتمن عالم الأرواح و الأجسام و النور والظلمة فهذه الستة و ثلاثون حق الله ممايكون في العالم من الموجودات فإنها مماتكون في عين التلفظ الإنساني بالقرآن فهوكالعشر فيما سقت السماء و هو المسمىالأعلى من قوله سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَالْأَعْلَى فالتهليل عشر الذكر و هو زكاتهلأنه حق الله فهو عشر ثلاثمائة و ستين درجةفمن ذلك
(التوحيد الأول)
و هو قوله تعالى وَ إِلهُكُمْ إِلهٌواحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُالرَّحِيمُ فهذا توحيد الواحد بالاسمالرحمن الذي له النفس فبدأ به لأن النفسلولاه ما ظهرت الحروف و لو لا الحروف ماظهرت الكلمات فنفى الألوهية عن كل أحدوحده الحق تعالى إلا أحديته فأثبتالألوهية لها بالهوية التي أعاد على اسمهالواحد و أول نعت نعته به الرحمن لأنه صاحبالنفس و سمي مثل هذا الذكر تهليلا منالإهلال و هو رفع الصوت أي إذا ذكر بلا إلهإلا الله ارتفع الصوت الذي هو النفسالخارج به على كل