النفس من ذلك فحظها النطق بذكر الله لاتدري أن ذلك الذكر يعود منه وبال على النفسأم لا و لا تدري هل هو مشروع أم غير مشروع ولذلك إذا شهدت الجوارح و الجلود بما وقعمنها من الأعمال على النفس المدبرة لها ماتشهد بوقوع معصية و لا طاعة و إنما شهادتهابما عملته و الله يعلم حكمه في ذلك العمل ولهذا إذا كان يوم القيامة تَشْهَدُعَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوايَعْمَلُونَ و لم يشهدوا بكون ذلك العملطاعة و لا معصية فإن مرتبتهم لا تقتضي ذلكفالإنسان من حيث هيكله سعيد كله و من حيثنفسه إن كان مؤمنا فهو صاحب تخليط
إن قرب الله على نوعين
و أما قرب الله منه فعلى نوعين النوعالواحد قرب رحمة و عطف و تجاوز و مغفرة وإحسان و النوع الآخر قرب لا يمكن كشفه لكننومئ إليه فنقول لا يخلو الحق مع كل عبدعند ما يتجلى له أن يظهر له في مادة أو فيغير مادة فإن تجلى له في مادة و هي الصورةتبع القرب تلك المادة في مجلس الشهود وحضرة الرؤية و إن تجلى له في غير مادة كانقرب المنزلة و المرتبة كقرب الوزير والقاضي و الوالي و صاحب الحسية من الملكفإنه قرب متفاضل و قد يدني مجلس الأدونليسارره بأمر ينفذ في مرتبته و يكونالأعلى أبعد منه مجلسا في ذلك المجلس و لايقتضي قربه في ذلك المجلس بأنه أعلى رتبةمن الأعلى منه فإن حكم المواد يخالف حكمالنفوس في الصورة و إذا علمت هذا فقد قربتمن العلم بقرب الحق و القرب بين الاثنينعلى حد واحد فمن قرب منك فقد اتصفت بأنكمنه قريب و في نفس الأمر ليس للبعد من اللهسبيل و إنما البعد أمر إضافي يظهر في أحكامالأسماء الإلهية فزمان حكم الاسم الإلهيفي الشخص هو زمان اتصافه بالقرب من البعد وقرب العبد منه و الاسم الإلهي الذي ما لهحكم الوقت في الشخص هو منه بعيد كيف يتصفبالبعد عنك أو تتصف بالبعد منه من أنت فيقبضته أ لم يفتح لآدم يده اليمنى تعالى وكلتا يديه يمين مباركة فبسطها فإذا فيهاآدم و ذريته و هل يؤبد شقاء من هو في يمينالحق لا و الله و كانت القبضة الأخرى جميعالعالم فانظر في اختيار آدم يمين الحقللتمييز مع كونه يعرف أن كلتي يدي ربه يمينمباركة و ليس إلا ما ذكرناه و لو لا ما كانالتجلي لآدم في صورة مادية ما اتصفتاليدان بالقبض و البسط و قد نبهتك علىمعرفة القرب حتى تشهده من نفسك مع الله إنكنت من أهل التجلي في هذه الدار و إذا وقعالتجلي في المواد جاءت الحدود بغير شكفجاء الشبر و الذراع و الباع و السعي والهرولة بحسب ما يقتضيه الحال فإن قربالمواد تابع للأحوال فعلى قدر الحال يكونالقرب في المادة بين القريبين ليعلم بذلكالقرب أن حاله أعطى ذلك فهو ترجمان عنالأحوال و أما القرب من الله بحياز الصورةفليس ذلك إلا للخلفاء خاصة سواء كانوارسلا أو لم يكونوا فإن الرسالة ليست بنعتإلهي و إنما هي نسبة بين مرسل و مرسل إليهلينوب عنه فيما يريد أن يبلغه إلى هذاالشخص المرسل إليه فالرسول خليفة و نائبفي التبليغ خاصة و تتمة الخلافة و النيابةإنما هي في الحكم بما تقتضيه حقائقالأسماء الإلهية من القهر و الإرعاد والإبراق و الأخذ و الرحمة و العفو والتجاوز و الانتقام و الحساب و المصادرة وما ثم أصعب في الإلهيات من المصادرة إذا لمتقع عن حساب أو تجاوز في الأخذ حدالاستحقاق و ذلك في قوله لا يُسْئَلُعَمَّا يَفْعَلُ و الأخذ و التجاوز بعدالتقرير و الحساب و السؤال في قوله وَ هُمْيُسْئَلُونَ و قوله فَلِلَّهِ الْحُجَّةُالْبالِغَةُ
فقرب بالصورة على نوعين في الخلافة
النوع الواحد خلافة عن تعريف إلهي بمنشورو خلافة لا عن تعريف إلهي مع نفوذ الأحكاممنه و لا يسمى مثل هذا القرب على طريقالأدب بلسان الأدباء خلافة و لا هو خليفة وبالحقيقة هو خليفة و تلك خلافة فالخلفاءمتفاضلون أيضا فيها و الخلافة بغيرالتعريف أتم في القرب المعنوي فإن الخليفةبالتعريف و الأمر الظاهر يبعد من المستخلففي الصورة فإن حكمه في العالم لم يكن عنأمر من غيره بل هو حاكم لنفسه فمن حكم فيالعالم بنفسه و نفذ حكمه فيه من غير أمرإلهي و لا استخلاف بتعريف و لا منشور فهوأقرب من الصورة الإلهية ممن عقدت لهالخلافة عن أمر إلهي بتعريف و منشور لكنهأقرب إلى السعادة المطلوبة له من ذلك الذيلم يقترن بخلافته أمر إلهي و القرب إلىالسعادة هو المطلوب عند العلماء بالله وهذا القدر كاف في معرفة القرب وَ اللهيَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
«الباب الأحد و الستون و مائتان في معرفةالبعد»
أن البعد هو الإقامة على المخالفة اللهتعالى
اعلم أن البعد هو الإقامة على المخالفة ويطلق أيضا على البعد منك