من الجسمية كما غاب عنهم في هذه الدار فيالبشر الروحانية المبطونة في الأجسامفكانت الأجسام قبورا لها و في الآخرةبالعكس الأرواح قبور الأجسام فلهذاأنكروا ذلك و الكشف التام الذي فزنا به وأصحابنا هنا و في الآخرة إنا كشفناالأرواح هنا و غلب الأجسام الطبيعية عليهافي الصورة الظاهرة فلا يرى من الأرواح فيظاهر الأجسام إلا آثارها و لو لا الموت والنوم ما عرف غير المكاشف إن ثم أمرا زائداعلى ما يشاهده في الظاهر و مع وجود الموت والسكون و ظهور الجسم عريا عما كان له منالآثار ذهبت طائفة إلى هذا المذهب و همالحشيشية فما رأت أن ثم خلف هذه الصورةالظاهرة شيئا أصلا فكيف بهؤلاء لو لم يكنموت في العالم و يتضمن هذا المنزل معرفةالعالم العلوي و ترتيب صورته في تركيبه وإنه على خلاف ما يذكره أصحاب علم الهيئة وإن كان ما قالوه يعطيه الدليل و يجوز أنيكون الله يرتبه على ذلك و لكن ما فعل معأنه يعطي هذا الترتيب ما يعطيه ما ذهب إليهأصحاب علم الهيئة و يتضمن علم ما أودع اللهفي العالم السفلي في ترتيبه من الأمور ويتضمن معرفة المكلفين و من أين كلفت و مايحركهم و يتضمن علم القربات و يتضمن علمسبب قصم الجبابرة المتكبرين على الله ويتضمن إلحاق الحيوان بالإنسان في العلمبالله و يتضمن علم العواقب و ما آل كل عالمفقد ذكرت رءوس و مسائله وَ الله يَقُولُالْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
«الباب الرابع و التسعون و مائتان فيمعرفة المنزل المحمدي المكي من الحضرةالموسوية»
حرم الله قلب كل نبي
ورثوه و ورثوه بينهم
فإذا ما نسبت للشرع علما
و بحار لها معارف نور
و نبي مطهر و رسول
و نعيم مرتب في علو
و عذاب مقسم في ركي
و كذا قيل قلب كلولي
في علوم و في مقامعلي
فاطلب العلم فيحروف الروي
في شريف محقق ودني
و فقير ممردك و غني
و عذاب مقسم في ركي
و عذاب مقسم في ركي
هل للعدم مرتبة عند الله أم لا
اعلم أن هذا المنزل يتضمن علم مرتبةالعالم عند الله بجملته و هل العدم لهمرتبة عند الله يتعين تعظيمه من أجلها أملا و هل من خلق من أهل الشقاء المغضوب عليهله مرتبة تعظيم عند الله أم لا و هلالتعظيم الإلهي له أثر في المعظم بحيث أنيسعد به أم لا و ما سبب تعظيم الله العالم وهل لمن عظم العالم من الخلق صفة يعرف بهاأم لا و ما الأسماء الإلهية التي تضاف إلىالمخلوقين في مذهب من يقول ما أقسم الله قطإلا بنفسه لكن أضمره تارة و أظهره في موطنآخر ليعلم أنه مضمر فيما لم يذكر و جميع مايتعلق بهذا الفن يتضمنه هذا المنزل إنذكرناها على التفصيل طال الكلام
هل يشارك الإنسان و الحيوان في الخلق أملا من العالم
و مما يتضمن هذا المنزل علم خلق الإنسانمن العالم و هل الحيوان مشارك له في هذاالخلق أم هو خصيص به و لم خص بهذا الضرب منالخلق و إن كان يشاركه الحيوان فيه فلم عينالإنسان بالذكر وحده و لما ذا ذكرت لفظةالإنسان في القرآن حيثما ذكرت و نيطبذكرها إما الذم و إما الضعف و النقص و إنذكر بمدح أعقبه الذم منوطا به فالذم كقولهإِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِنَّالْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ و الضعفو النقص مثل قوله خَلَقْنَا الْإِنْسانَمن سُلالَةٍ من طِينٍ و قوله لَقَدْخَلَقْنَا الْإِنْسانَ في كَبَدٍ و الذمالعاقب للمدح كقوله لَقَدْ خَلَقْنَاالْإِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ هذامدح ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَهذا ذم و يتضمن علم مال أصحاب الدعاوي التيتعطيها رعونة الأنفس و يتضمن تقرير النعمالحسية و المعنوية و يتضمن التخلقبالأسماء و يتضمن علم القوة التي أعطيهاالإنسان و أن لها أثرا و في ذلك رد علىالأشاعرة و تقوية للمعتزلة في إضافةالأفعال إلى المكلفين و يتضمن علم ما يقعفيه التعاون و يتضمن علم مال عرف الدليل وتركه لهوى نفسه فهذا جميع رءوس ما يتضمنههذا المنزل من المسائل و هي تتشعب إلى مالا يحصى كثرة إلا عن مشقة كبيرة فأما مرتبةالعالم عند الله بجملته
إن الله تعالى خلق العالم دليلا علىمعرفته
فاعلم إن الله تعالى ما خلق العالم لحاجةكانت له إليه و إنما خلقه دليلا على معرفتهليكمل بذلك ما نقص من مرتبة الوجود و مرتبةالمعرفة فلم يرجع إليه سبحانه من خلقه وصفكمال لم يكن عليه بل له الكمال على الإطلاقو لا أيضا كان العالم في خلقه مطلوبا لنفسهلأنه ما طرأ عليه من خلقه صفة كمال بل لهالنقص الكامل على الإطلاق سواء