صورة حيوان كانت و لا فائدة لنا في ذكر ماذكروه في صورتها فكانت تلك الصورة إذا هفتأو ظهرت منها حركة خاصة بصروا فسكن قلبهمعند رؤية تلك العلامة من تلك الصورة التيسماها سكينة و إن السكينة المعلومة إنمامحلها القلوب فلم يجعل لهذه الأمة علامةخارجة عنهم على حصولها فليس لهم علامة فيقلوبهم سوى حصولها فهي الدليل على نفسهاما تحتاج إلى دليل من خارج كما كان في بنىإسرائيل
السكينة هي سكون النفس للموعود أوللحاصل
فبدء السكينة قد بيناه و أما السكينة فهيالأمر الذي تسكن له النفس لما وعدت به أولما حصل في نفسه من طلب أمر ما و سميت سكينةلأنها إذا حصلت قطعت عنه وجود الهبوب إلىغير ما سكنت إليه النفس و منه سمي السكينسكينا لكون صاحبه يقطع به ما يمكن قطعه بهو هذا اللفظ مشتق من السكون و هو الثبوت وهو ضد الحركة فإن الحركة نقلة فالسكينةتعطي الثبوت على ما سكنت إليه النفس و لوسكنت إلى الحركة هذا حقيقتها و لا يكون ذلكإلا عن مطالعة أو مشاهدة فتنزل عليهم و هممؤمنون فتنقلهم بنزولها عن رتبة ما كانوابه مؤمنين إلى مقام معاينة ذلك و هو تضاعفإيمانهم بالعيان لِيَزْدادُوا إِيماناًمَعَ إِيمانِهِمْ أ لا ترى إلى قوله تعالىإِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةًمِنْهُ إلا أن الأمنة هي السكينة لا غيرهاوَ الله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
(السؤال الثامن و العشرون) ما العدل
الجواب العدل هو الحق المخلوق به السمواتو الأرض فسهل ابن عبد الله و غيره يسميهالعدل و أبو الحكم عبد السلام بن برجانيسميه الحق المخلوق به لأنه سمع الله يقولما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ و ماخَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ أي بما يجب لذلكالمخلوق مما تقتضيه حالة خاصة بقوله تعالىثُمَّ هَدى أي بين أنه أَعْطى كُلَّشَيْءٍ خَلْقَهُ أي ما خلقه إلا بالحق وهو ما يجب له
نسبة الممكنات فيما يجب لها من الوجودليست واحدة
فالعالم على الحقيقة هو الله الذي علم ماتستحقه الأعيان في حال عدمها و ميز بعضهاعن بعض بهذه النسبة الإحاطية و لو لا ذلكلكانت نسبة الممكنات في قضية العقل فيمايجب لها من الوجود نسبة واحدة و ليس الأمركذلك و لا وقع كذلك بل علم سبحانه ما يتقيدمن الممكنات في وجوده بأمس لا يمكن عنده أنيوجده اليوم و لا في غد فإنه من تمام خلقهتعيين زمانه و هو القدر و هي الأقدار أيمواقيت الإيجاد فهو سبحانه يخلق من غيرحكم قدر عليه في خلقه و المخلوقات تطلبالأقدار بذاتها فـ أَعْطى كُلَّشَيْءٍ خَلْقَهُ من زمانه فيمن يتقيدوجوده بالزمان و من حاله فيمن يتقيد وجودهبالحال و من صفته فيمن يتقيد وجوده بالصفةفإن قلت فيه مختار صدقت و إن قلت حكيم صدقتو إن قلت لم يوجد هذه الأمور على هذاالترتيب إلا بحسب ما أعطاه العلم صدقت و إنقلت ذاته اقتضت أن يكون خلق كل شيء على ماهو عليه ذلك الشيء في ذاته و لوازمه وأعراضه لا تتبدل و لا تتحول و لا فيالإمكان أن يكون ذلك اللازم أو العارضلغير ذلك الممكن صدقت فبعد أن أعلمتك صورةالأمر على ما هو عليه فقل ما تشاء فإن قولكمن جملة من أعطى خلقه في ظهوره منك فهو منجملة الأعراض في حقك و له صفة ذاتية ولازمة و عرضية من حيث نفسه فاعلم ذلك
الميل إلى الحق عدل و عنه جور
و أما تحقيق هذا الاسم لهذه النسبة فاعلمأن العدل هو الميل يقال عدل عن الطريق إذامال عنه و عدل إليه إذا مال إليه و سميالميل إلى الحق عدلا كما سمي الميل عن الحقجورا بمعنى إن الله خلق الخلق بالعدل أي أنالذات لها استحقاق من حيث هويتها و لهااستحقاق من حيث مرتبتها و هي الألوهيةفلما كان الميل مما تستحقه الذات لماتستحقه الألوهية التي تطلب المظاهرلذاتها سمي ذلك عدلا أي ميلا من استحقاقذاتي إلى استحقاق إلهي لطلب المألوه ذلكالذي يستحقه و من أعطى المستحق ما يستحقهسمي عادلا و عطاؤه عدلا و هو الحق فما خلقالله الخلق إلا بالحق و هو إعطاؤه خلقه مايستحقونه و ليس وراء هذا البيان و بسطالعبارة ما يزيد عليها في الوضوح
(السؤال التاسع و العشرون) ما فضل النبيينبعضهم على بعض و كذلك الأولياء
الجواب قال تعالى وَ لَقَدْ فَضَّلْنابَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً و قال في حقالناس وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَبَعْضٍ دَرَجاتٍ هذا عموم في الناس فدخلالأولياء في عموم هذه الآية و قال في حقالمؤمنين و العلماء يَرْفَعِ اللهالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَأُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ
اختلاف العلماء في التفاضل بين الأنبياء
فاختلف أصحابنا في مثل هذا فذهب ابن قسيإلى أن كل واحد منهم فاضل مفضول ففضل هذاهذا بأمر ما و فضله المفضول من ذلك الأمربأمر آخر فهو فاضل بوجه و مفضول بوجه لمنفضل عليه فادى إلى التساوي في الفضليةفصاحب