الذي نزلت هذه الألفاظ بلغتهم فنكون منالذين يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْمَواضِعِهِ و من الذين يُحَرِّفُونَهُ منبَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَبمخالفتهم و نقر بالجهل بكيفية هذه النسبو هذا هو اعتقاد السلف قاطبة من غير مخالففي ذلك
الحق في الجمع بين النسبتين
فإذا تقرر عندك ما ذكرناه من هاتينالنسبتين للحق المشروعتين و أنت المطلوببالتوجه بقلبك و بعبادتك إلى هاتينالنسبتين فلا تعدل عنهما إن كنت كاملا أوإلى إحداهما إن كنت نازلا عن هذه المرتبةالكمالية إما لما يقوله أهل الكلام فيالله من حيث عقولهم و إما لما توهمهالقاصرة عقولهم من تشبيه الحق بخلقهفهؤلاء جهلوا و هؤلاء جهلوا و الحق فيالجمع بينهما و
قد ورد الخبر في النشأة الآدمية أن اللهخلق آدم على صورته
و ورد في القرآن أن الله خلقه بيديه علىجهة التشريف لقرينة الحال حين عرف بذلكإبليس لما ادعى الشرف على آدم بنشأته فقالما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُبِيَدَيَّ و لا يسوغ هنا حمل اليدين علىالقدرة لوجود التثنية و لا على أن تكونالواحدة يد النعمة و الأخرى يد القدرة فإنذلك سائغ في كل موجود فلا شرف لآدم بهذاالتأويل فلا بد أن يكون لقوله بيدي خلاف ماذكرناه مما يصح به التشريف
المشبه و المنزه و الكامل
فتوجهت على خلق الإنسان هاتان النسبتاننسبة التنزيه و نسبة التشبيه فخرج بنو آدملهذا على ثلاث مراتب كامل و هو الجامع بينهاتين النسبتين أو واقف مع دليل عقله و نظرفكره خاصة أو مشبه بما أعطاه اللفظالموارد و لا رابع لهم من المؤمنينفالمقابلة أو الانحراف لا تكون إلا من جهةنسبة التنزل الإلهي الخيالي في
قوله عليه السلام اعبد الله كأنك تراه
في هذا هي المقابلة للمعبود و الانحراف عنهذه المقابلة إما بتنزيه و هو انحرافالمتكلمين و إما بتشبيه محدود و هو انحرافالمجسمين و الكمل هم أهل القول بالأمرين
الاسم الإلهي الدهر و مقاماته لأهلالشهود
و هذه الحضرة التي ذكرناها تحوي على ستينو ثلاثمائة مقام منها ستة و ثلاثون أمهات وما بقي فهي نازلة عن هذه الستة و الثلاثينتحصل كلها لأهل الشهود من الاسم الدهر فإنالله هو الدهر و لا يتوهم من هذا القولالزمان المعروف الذي تعده حركات الأفلاك ونتخيل من ذلك درجات للفلك التي تقطعهاالكواكب ذلك هو الزمان و كلامنا إنما هو فيالاسم الدهر و مقاماته التي ظهر عنهاالزمان و الزمان على التحقيق قد عرفناكأنه نسبة لا أمر وجودي و أنه للمحدث بمنزلةالأزل للقديم فهذه المقامات تحصل لأهلالشهود إذا قابلوها بذواتهم من حيث خلقهمعلى الصورة كذلك يقابل الزمان الدهر والأبد يقابله الأزل و لا يكون منهم عندالمقابلة نظر إلى كون أصلا يميزونه عنذواتهم و ذوات ما قابلوه فإن وقع لمن هذامقامه تميز لكون من الأكوان أو للذيقابلوه يميز لهم عما قابلوه من ذواتهم فقدحدوه و انحرفوا عن المقابلة و انحطوا بذلكإلى ثمانية عشر مقاما و هو النصف فأما أنيكون انحرافهم إليه أو إليهم فإن كان إليهتعالى فقد غابوا عنهم و المطلوب منهمحضورهم بهم له و إن كان الانحراف إليهم فقدغابوا عنه و المطلوب حضورهم معه فإن زادالانحراف انحطوا إلى نصف ذلك و هو تسعةمقامات فغاب عنهم من الذي انحطوا عنهالنصف فإن زاد الانحراف انحطوا إلى ستةمقامات و هو غاية الانحطاط و هو الثلث منالثمانية عشر و السدس من المجموع الذي هوستة و ثلاثون
الكامل يقابل كل نسبة بذاته من غير تغييرفي ذاته
فمنزل العبد الكامل يكون بين هاتينالنسبتين يقابل كل نسبة منهما بذاته فإنهلا ينقسم في ذاته و ما لا ينقسم لا يوصفبأنه يقابل كل نسبة بغير الذي يقابل بهاالأخرى و ما ثم إلا ذاته كالجوهر الفرد بينالجوهرين أو الجسمين يقابل كل واحد مما هوبينهما بذاته لأن ما لا ينقسم لا يكون لهجهتان مختلفتان في حكم العقل و إن كانالوهم يتخيل ذلك كذلك الإنسان من حيثحقيقته و لطيفته يقابل بذاته الحق من حيثنسبه التنزيه و بذلك الوجه عينه يقابلالحق من حيث صفة النزول الإلهي إلىالاتصاف بالصفات التي توهم التشبيه و هيالنسبة الأخرى و كما أن الحق الذي هوالموصوف بهاتين النسبتين واحد في نفسه وأحديته و لم تحكم عليه هاتان النسبتانبالتعداد و الانقسام في ذاته كذلك العبدالكامل في مقابلة الحق في هاتين النسبتينلا يكون له وجهان متغايران
العين من الحق و العين من العبد واحدة
فهذه هي المقابلة للحق من جميع النسب علىكثرتها فإنها و إن كثرت فهي راجعة إلىهاتين النسبتين و ليستا بأمر زائد على عينالموصوف بها فالكل عين واحدة و ما ثم كلوجودي و إنما جئنا به من حيث النسب و هي لاأعيان لها فالعين من الحق واحدة و العين منالعبد واحدة لكن عين العبد ثبوتية ما برحتمن أصلها و لا خرجت من معدنها و لكن كساها