على هذه الحالة فلا تعرف أنها مظهر لهسبحانه و تجد من نفسها أنها تحب نفسها فإنكل شيء مجبول على حب نفسه و ما ثم ظاهرإلا هو في عين الممكن فما أحب الله إلاالله و العبد لا يتصف بالحب إذ لا حكم لهفيه فإنه ما أحبه منه سواه الظاهر فيه و هوالظاهر فلا تعرف أيضا أنها محبة له فتطلبهو تحب أن تحبه من حيث إنها ناظرة إلى نفسهابعينه فنفس حبها أن تحبه هو بعينه حبها لهو لهذا يوصف هذا النور بأنه له أشعة أي أنهشعشعاني لامتداده من الحق إلى عين الممكنليكون مظهرا له بنصب الهاء لا اسم فاعلفإذا جمع من هذه صفته بين المتضادات فيوصفه فذلك هو صاحب الحب الإلهي فإنه يؤديإلى الحاقة بالعدم عند نفسه كما هو في نفسالأمر فعلامة الحب الإلهي حب جميعالكائنات في كل حضرة معنوية أو حسية أوخيالية أو متخيلة و لكل حضرة عين من اسمهالنور تنظر بها إلى اسمه الجميل فيكسوهاذلك النور حلة وجود فكل محب ما أحب سوىنفسه و لهذا وصف الحق نفسه بأنه يحبالمظاهر و المظاهر عدم في عين و تعلقالمحبة بما ظهر و هو الظاهر فيها فتلكالنسبة بين الظاهر و المظاهر هي الحب ومتعلق الحب إنما هو العدم فمتعلقها هناالدوام و الدوام ما وقع فإنه لا نهاية له وما لا نهاية له لا يتصف بالوقوع و لما كانالحب من صفات الحق حيث قال يُحِبُّهُمْ ومن صفات الخلق حيث قال وَ يُحِبُّونَهُاتصف الحب بالعزة لنسبته إلى الحق و وصفالحق به و سرى في الخلق بتلك النسبة العزيةفأورثت في المحل ذلة من الطرفين فلهذا ترىالمحب يذل تحت عز الحب لا عز المحبوب فإنالمحبوب قد يكون مملوكا للمحب مقهورا تحتسلطانه و مع هذا تجده يذل له المحب فعلمناإن تلك عزة الحب لا عزة المحبوب قال أميرالمؤمنين هارون الرشيد في محبوباته
ملك الثلاث الآنسات عناني
ما لي تطاوعني البرية كلها
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى
و به قوين أعزمن سلطاني
و حللن منقلبي بكل مكان
و أطيعهن وهن في عصياني
و به قوين أعزمن سلطاني
و به قوين أعزمن سلطاني
فأضاف القوة إلى الهوى بقوله سلطان الهوىيقول الله في غير ما موضع من كتابه متلطفابعباده يا عبادي اشتقت إليكم و أنا إليكمأشد شوقا و يخاطبهم بنزول من لطف خفي و هذاالخطاب كله لا يتمكن أن يكون منه إلا منكونه محبا و مثل ذلك يصدر من المحبين لهتعالى فالمحب في حكم الحب لا في حكمالمحبوب و من هي صفته عينه فعينه تحكم عليهلا أمر زائد فلا نقص غير أن أثره فيالمخلوقين التلاشي عند استحكامه لأنهيقبل التلاشي فلهذا يتنوع العالم في الصورفيكون في صورة فإذا أفرط فيها الحب من حيثلا يعلم و حصل التجلي من حيث لا يظهر تلاشتالصورة و ظهرت في العين صورة أخرى و هيأيضا مثل الأولى في الحكم راجعة إليه و لايزال الأمر كذلك دائما لا ينقطع و من هناغلط من يقول إن العالم لا بد له من التلاشيو من نهاية علم الله في العالم حيث وصفنفسه بالإحاطة في علمه بهم ثم إنه من كرمهسبحانه إن جعل هذه الحقيقة سارية في كل عينممكن متصف بالوجود و قرن معها اللذة التيلا لذة فوقها فأحب العالم بعضه بعضا حبتقييد من حقيقة حب مطلق فقيل فلان أحبفلانا و فلان أحب أمرا ما و ليس إلا ظهور حقفي عين ما أحب ظهور حق في عين أخرى كان ماكان فمحب الله لا ينكر على محب حب من أحبفإنه لا يرى محبا إلا الله في مظهر ما و منليس له هذا الحب الإلهي فهو ينكر على منيحب ثم إنه ثم دقيقة من كون من قال إنهيستحيل أن يحب أحد الله تعالى فإن الحق لايمكن أن يضاف إليه و لا إلى ما يكون منهنسبة عدم أصلا و الحب متعلقة العدم فلا حبيتعلق بالله من مخلوق لكن حب الله يتعلقبالمخلوق لأن المخلوق معدوم فالمخلوقمحبوب لله أبدا دائما و ما دام الحب لايتصور معه وجود المخلوق فالمخلوق لا يوجدأبدا فأعطت هذه الحقيقة أن يكون المخلوقمظهرا للحق لا ظاهرا فمن أحب شخصا بالحبالإلهي فعلى هذا الحد يكون حبه إياه فلايتقيد بالخيال و لا بجمال ما فإنها كلهاموجودة له فلا يتعلق الحب بها فقد بانالفرقان بين
المراتب الثلاثة في الحب و اعلم أن الخيالحق كله و التخيل منه حق و منه باطل
(السؤال السابع عشر و مائة) ما كأس الحب
الجواب القلب من المحب لا عقله و لا حسهفإن القلب يتقلب من حال إلى حال كما إنالله الذي هو المحبوب كُلَّ يَوْمٍ هُوَفي شَأْنٍ فيتنوع المحب في تعلق حبه بتنوعالمحبوب في أفعاله كالكأس الزجاجي الأبيضالصافي يتنوع بحسب تنوع المائع الحال فيهفلون المحب لون محبوبه و ليس هذا إلاللقلب