من علمها ذوقا و شربا فإنها لا تنالبالنظر الفكري و لا بضرورات العقول فلميبق إلا أن يكون حصولها عن تجل إلهي فيحضرة غيبة بمظهر من المظاهر فوقتا يكونالمظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا و وقتاجسديا و وقتا يكون المظهر روحيا و وقتاروحانيا و هذا الباب من هذا الكتاب ممايطلب إيضاح تلك المسائل و شرحها فجعلت هذاالباب مجلاها إن شاء الله تعالى فمن ذلك
(السؤال الأول) كم عدد منازل الأولياء
الجواب اعلم أن منازل الأولياء على نوعينحسية و معنوية فمنازلهم الحسية في الجنانو إن كانت الجنة مائة درجة و منازلهمالحسية في الدنيا أحوالهم التي تنتج لهمخرق العوائد فمنهم من يتبرز فيها كالإبدالو أشباههم و منهم من تحصل له و لا يظهر عليهشيء منها و هم الملامتية و أكابرالعارفين و هي تزيد على مائة منزل و بضعةعشر منزلا و كل منزل يتضمن منازل كثيرةفهذه منازلهم الحسية في الدارين
معارف الأولياء و منازلهم فيها
و أما منازلهم المعنوية في المعارف فهيمائتا ألف منزل و ثمانية و أربعون ألف منزلمحققة لم ينلها أحد من الأمم قبل هذه الأمةو هي من خصائص هذه الأمة و لها أذواقمختلفة لكل ذوق وصف خاص يعرفه من ذاقه وهذا العدد منحصر في أربعة مقامات مقامالعلم اللدني و علم النور و علم الجمع والتفرقة و علم الكتابة الإلهية ثم بين هذهالمقامات مقامات من جنسها تنتهي إلى بضع ومائة مقام كلها منازل للأولياء و يتفرع منكل مقام منازل كثيرة معلومة العدد يطولالكتاب بإيرادها و إذا ذكرت الأمهات عرفذوق صاحبها فأما العلم اللدني فمتعلقهالإلهيات و ما يؤدي إلى تحصيلها من الرحمةالخاصة و أما علم النور فظهر سلطانه فيالملإ الأعلى قبل وجود آدم بآلاف منالسنين من أيام الرب و أما علم الجمع والتفرقة فهو البحر المحيط الذي اللوحالمحفوظ جزء منه و منه يستفيد العقل الأولو جميع الملإ الأعلى منه يستمدون و ما نالهأحد من الأمم سوى أولياء هذه الأمة و تتنوعتجلياته في صدورهم على ستة آلاف نوع و مئينفمن الأولياء من حصل جميع هذه الأنواعكأبي يزيد البسطامي و سهل بن عبد الله ومنهم من حصل بعضها و قد كان للأولياء فيسائر الأمم من هذه العلوم نفثات روح في روعو ما كمل إلا لهذه الأمة تشريفا لهم وعناية بهم لمكانة نبيهم سيدنا محمد صلّىالله عليه وسلّم و فيه من خفايا العلومالتي هي بمنزلة الأصول ثلاثة علوم علميتعلق بالإلهيات و علم يتعلق بالأرواحالعلوية و علم يتعلق بالمولدات الطبيعيةفما يتعلق منه بالإلهيات على قدم واحدة لايتغير و إن تغيرت تعلقاته و الذي يتعلق منهبالأرواح العلوية فيتنوع من غير استحالة والذي يتعلق بالمولدات الطبيعية يتنوع ويستحيل باستحالاتها و هو المعبر عنه بأرذلالعمر لِكَيْلا يَعْلَمَ من بَعْدِعِلْمٍ شَيْئاً فإن المواد التي حصل لهمنها هذا العلم استحالت فالتحق العلم بهابحكم التبعية
طبقات الأولياء في أصول علوم الجمع والتفرقة
و كما هي أصولها ثلاث علوم فالأولياء فيهاعلى ثلاث طبقات الطبقة الوسطى منهم لهممائة ألف منزل و ثلاثة و عشرون ألف منزل وستمائة منزل و سبعة و ثمانون منزلا أمهاتيحتوي كل منزل منها على منازل لا يتسعالوقت لحصرها لتداخل بعضها في بعضها و لاينفع فيها إلا الذوق خاصة و ما بقي منالأعداد فمقسم بين الطبقتين و هما اللذانظهرا برداء الكبرياء و إزار العظمة غير أنلهما من إزار العظمة مما يزيد على هذا الذيذكرناه ألف منزل و بضعة و عشرون منزلا لهذهالمنازل خصوص وصف لا يوجد في منازل رداءالكبرياء و ذلك أن رداء الكبرياء مظهره منالاسم الظاهر و الإزار مظهره من الاسمالباطن و الظاهر هو الأصل و الباطن نسبةحادثة و لحدوثها كانت لها هذه المنازل فإنالفروع محل الثمر فيوجد في الفرع ما لايظهر في الأصل و هو الثمرة و إن كان مددهمامن الأصل و هو الاسم الظاهر لكن الحكميختلف فمعرفتنا بالرب تحدث عن معرفةبالنفس لأنها الدليل من عرف نفسه عرف ربه وإن كان وجود النفس فرعا عن وجود الرب فوجودالرب هو الأصل و وجود العبد فرع ففي مرتبةيتقدم فيكون له الاسم الأول و في مرتبةيتأخر فيكون له الاسم الآخر فيحكم لهبالأصل من نسبة خاصة و يحكم له بالفرع مننسبة أخرى هذا يعطيه النظر العقلي
ما تعطيه المعرفة الذوقية في معرفة الذاتالإلهية
و أما ما تعطيه المعرفة الذوقية فهو أنهظاهر من حيث ما هو باطن و باطن من عين ما هوظاهر و أول من عين ما هو آخر و كذلك القولفي الآخر و إزار من نفس ما هو رداء و رداءمن نفس ما هو إزار لا يتصف أبدا بنسبتينمختلفتين كما يقرره و يعقله العقل من حيثما هو ذو فكر و لهذا قال أبو سعيد الخراز وقد قيل له بم عرفت الله فقال بجمعه بينالضدين ثم تلا هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ