أماكنها لا يأتيها إلا ذو عزيمة فإن كثيرامن أهل الطريق لا يقول بالرخص و هو غلطفإنه يفوته محبة الله في إتيانها فلا يكونله ذوق فيها فهو كمثل الذي يقضي و لا يتنفلدائما و هو غاية الخطاء بل المشروع أنيتطوع فإن نقصت فرائضه كملت له من تطوعه وهو النوافل و إن لم ينتقص منها شيئا كانتله نوافل كما نواها و يحصل له ذوق محبةالله إياه من أجلها فقد أبطل شرع الله منلم تكن هذه حاله فإنه إن كانت فريضته تامةلم يجز قضاؤها فقد شرع ما لم يشرع له و لميأذن به الله و أن الله ما يكتبها له نافلةفإنه ما نواها و قد أساء الأدب مع الله حيثسماها الله تطوعا و قال هذا قضاء فلا يحصلله ثمرة النوافل لأنها غير منوبة و لا وردفي ذلك شرع أنه يكتب له ما نواه قضاء نافلةهذا هو الطريق الذي يكون فيه سفر القوم
السفر
فإن قلت و ما السفر قلنا القلب إذا أخذ فيالتوجه إلى الحق تعالى بالذكر بحق أو بنفسكيف كان يسمى مسافرا
المسافر
فإن قلت و ما المسافر قلنا هو الذي سافربفكره في المعقولات و هو الاعتبار فيالشرع فعبر من العدوة الدنيا إلى العدوةالقصوى و هو العامل السالك
السالك
فإن قلت و ما السالك قلنا هو الذي مشى علىالمقامات بحاله لا بعلمه و هو العمل فكانله عينا قال ذو النون لقيت فاطمةالنيسابورية فما ذكرت لها مقاما إلا كانذلك المقام لها حالا و قد يحصل هذا للمرادو المريد
المراد و المريد
فإن قلت و ما المراد و ما المريد قلناالمراد عبارة عن المجذوب عن إرادته معتهيؤ الأمر له فجاوز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة و أما المريد فهوالمتجرد عن إرادته و قال أبو حامد هو الذيصح له الأسماء و دخل في جملة المنقطعين إلىالله بالاسم و أما المريد عندنا فنطلقهعلى شخصين لحالين الواحد من سلك الطريقبمكابدة و مشاق و لم تصرفه تلك المشاق عنطريقه و الآخر من تنفذ إرادته في الأشياء وهذا هو المتحقق بالإرادة لا المراد
الإرادة
فإن قلت و ما الإرادة قلنا لوعة في القلبيطلقونها و يريدون بها إرادة التمني و هيمنه و إرادة الطبع و متعلقها الخط النفسي وإرادة الحق و متعلقها الإخلاص و ذلك بحسبالهاجس
الهاجس
فإن قلت و ما الهاجس قلنا الخاطر الأول وهو الخاطر الرباني الذي لا يخطئ أبدا ويسمونه السبب الأول و نقر الخاطر
ارتباط المقامات و المراتب بضرب منالتناسب
فهذا قد بينا لك ارتباط المقامات والمراتب بضرب من التناسب و تعلق بعضهاببعض و قليل من سلك في إيضاحها هذا المسلكو هذا مساق المسلسل في لغات العرب و هيطريقة غريبة أشار إليها إبراهيم بن أدهم وغيره رضي الله عنهم و بأن منها شرح ألفاظاصطلاح القوم فحصل من ذلك منها فائدتانالواحدة معرفة ما اصطلحوا عليه و الثانيالمناسبات التي بينهما و الله الموفق
(السؤال الرابع و الخمسون و مائة) ما تأويلأم الكتاب فإنه ادخرها من جميع الرسل له ولهذه الأمة
الجواب الأم هي الجامعة و منه أم القرى والرأس أم الجسد يقال أم رأسه لأنه مجموعالقوي الحسية و المعنوية كلها التيللإنسان
الفاتحة أم جميع الكتب المنزلة
و كانت الفاتحة أما لجميع الكتب المنزلة وهي القرآن العظيم أي المجموع العظيمالحاوي لكل شيء و كان محمد صلّى اللهعليه وسلّم قد أوتي جوامع الكلم فشرعهتضمن جميع الشرائع و كان نبيا و آدم لميخلق فمنه تفرعت الشرائع لجميع الأنبياءعليهم السلام هم إرساله و نوابه في الأرضلغيبة جسمه و لو كان جسمه موجودا لما كانلأحد شرع معه و هو قوله لو كان موسى حيا ماوسعه إلا أن يتبعني
شرع الإسلام أصل الشرائع و رسوله هوالمقرر لها
و قال تعالى إِنَّا أَنْزَلْنَاالتَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌيَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَأَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا و نحنالمسلمون و علماؤنا الأنبياء و نحكم علىأهل كل شريعة بشريعتهم فإنها شريعة نبيناإذ هو المقرر لها و شرعه أصلها و أرسل إلىالناس كافة و لم يكن ذلك لغيره و الناس منآدم إلى آخر إنسان و كانت فيهم الشرائع فهيشرائع محمد صلّى الله عليه وسلّم بأيدينوابه فإنه المبعوث إلى الناس كافة فجميعالرسل نوابه بلا شك فلما ظهر بنفسه لم يبقحكم إلا له و لا حاكم إلا رجع إليه و اقتضتمرتبته أن تختص بأمر عند ظهور عينه فيالدنيا لم يعطه أحد من نوابه و لا بد أنيكون ذلك الأمر من العظم بحيث أنه يتضمنجميع ما تفرق في نوابه و زيادة
الصفات السبع النفسية و احتواؤها علىجميع الأسماء الإلهية
و أعطاه أم الكتاب فتضمنت جميع الصحف والكتب و ظهر بها فينا مختصرة سبع آياتتحتوي على جميع الآيات كما كانت السبعالصفات الإلهية تتضمن جميع الأسماءالإلهية كلها و يرجع كل اسم إلهي إلى واحدمنها بلا شك و قد فعل ذلك الأستاذ أبوإسحاق الأسفراييني في كتاب الجلي و الخفيله فرد جميع الأسماء إليها و ما وجد منالأسماء الإلهية لصفة الكلام إلا الاسمالشكور و الشاكر خاصة و باقي الأسماءقسمها على الصفات فقبلتها حيث تتضمنها بلاشك فمنها ما ألحقه بالعلم و منها بالقدرة