قد تكون في الجسم على التساوي في القوة وهو سبب بقاء ذلك الجسم و قد لا تكون فيالجسم على السواء في القوة فتكون العلللذلك الجسم مستصحبة و حالات الأمراض تنقلبعليه بحسب غلبة بعضها على بعض فإن أفرطتكان الموت و إفراطها منها فإن السببالموجب لإفراطها إنما وقع منها بمأكوليأكله الإنسان أو الحيوان فما يكون الغالبفي ذلك المأكول أو المباشر يزيد في كمية مايناسبه من الجسم إن كان حارا قوي الحرارة وإن كان باردا قوي البرودة و كذلك ما بقي ثمإنه لما ألف بين هذه الأربعة لم يظهر إلاأربعا و لا قبلت إلا أربعة وجوه فإن حقائقتلك التجليات الأربعة أعطت أن لا تأتلف منهذه الأربع إلا وزنها في العدد و لهذا كانتمنها المنافرة من جميع الوجوه و المناسبةكما ذكرناه في الإلهيات في أول هذا الباب وتلك الحقيقة الإلهية حكمت على العالم أنيكون بتلك المثابة إذ كان المعلوم علىصورة العلم و علمه ذاته فافهم فالمنافرةكالحرارة و البرودة و كذلك الرطوبة واليبوسة فلذلك لا تجتمع الحرارة و البرودةو لا الرطوبة و اليبوسة في حكم أبدا و أوجدالله العناصر أربعة عن تأليف هذه الطبائعفكان النار عن الحرارة و اليبوسة ثم لميجعل ما يليه ما ينافره من جميع الوجوه بلجعل إليه ما يناسبه من وجه و إن فارقه منوجه فكان الهواء له جارا بما يناسبه منالحرارة و إن نافره بالرطوبة فإن للوساطةأثرا و حكما لجمعها بين الطرفين فقويت علىالمنافرة لهما فالهواء حار رطب فبما هوحار يستحيل إلى النار بالمناسب و غلبالوساطة و بما هو رطب يستحيل إلى الماءبالمناسب ثم جاور الهواء من الطرف الأسفلالماء فقبل الهواء جوار النار للحرارة وقبل جوار الماء للرطوبة و إن نافرهبالبرودة كما نافره الهواء بالحرارة وكذلك جاور بين التراب و بين الماء للبرودةالجامعة لمجاورتهما فما ظهر عنها إلاأربعة لذلك الأصل و كذلك الجسم الحيوانيالمولد جعل أثر النار فيه الصفراء و أثرالهواء الدم و أثر الماء البلغم و أثرالتراب السوداء فركب الجسم على أربع طبائعو كذلك القوي الأربعة الجاذبة و الماسكة والهاضمة و الدافعة و كذلك قرن السعادة والشقاء بالأربعة باليمين و الشمال و الخلفو الأمام لأن الفوقية لا يمشي الجسم فيهابطبعه و التحتية لا يمشي فيها الروح بطبعهو الإنسان و الحيوان مركب منهما فما جعلتسعادته و شقاوته إلا فيما يقبله طبعه فيروحه و جسمه و هي الجهات الأربع و بها خوطبو منها دخل عليه إبليس فقال ثُمَّلَآتِيَنَّهُمْ من بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمن خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ و لم يقل من فوقهم و لامن تحتهم لما ذكرناه فإبليس ما جاءه إلا منالجهات التي تؤثر في سعادته إن سمع منه وقبل ما يدعوه إليه و في شقاوته إن لم يسمعمنه و لم يقبل ما دعاه إليه فسبحان العليمالحكيم مرتب الأشياء مراتبها و هكذا فعلالعالم الجسماني العلوي فجعل البروج التيجعل الأحكام عنها في العالم على أربعنارية و ترابية و هوائية و مائية و كذلكجعل أمهات المطالب أربعة هل و ما و لم و كيفو كذلك أمهات الأسماء المؤثرة في العالم وهو العالم و المريد و القادر و القائلفعلمه بكونه يكون في وقت كذا على حالة كذادون ذلك لا يمكن فهذا العلم علق الإرادةبتعين ذلك الحال فالقائل علق القدرةبإيجاد تلك العين فعلم فأراد و قال فقدرفظهرت الأعيان عن هذه الأربعة فالحرارةللعلم و اليبوسة للإرادة و البرودة للقولو الرطوبة للقدرة فللحرارة التسخين ولليبوسة التجفيف و للرطوبة التليين وللبرودة التبريد قال تعالى و لا رطب و لايابس فذكر المنفعلين دون الفاعلينلدلالتهما على من كانا منفعلين عنهما وهما الحرارة انفعل عنها اليبوسة و كذلكالبرودة انفعل عنها الرطوبة فانظر ماأعطته هذه التجليات بحصرها فيما ذكرناه وكذلك العالم سعيد مطلق و شقي مطلق و شقيينتقل إلى سعادة و سعيد ينتقل إلى شقاوةفانحصرت الحالات في أربع و منه الْأَوَّلُوَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وما ثم خامس و هذه نعوت نسبته مع العالم ومراتب العدد أربعة لا خامس لها و هي الآحادو العشرات و المئات و الآلاف ثم يقعالتركيب و تركيبها كتركيب الطبائع لوجودالأركان سواء
ما دام البدر طالعا فالنفوس في البساتيننائمة
و اعلم يا أخي أنه ليلة تقييدي لبقية هذاالمنزل من بركاته رأيت رسول الله صلّىالله عليه وسلّم و قد استلقى على ظهره و هويقول ينبغي للعبد أن يرى عظمة الله في كلشيء حتى في المسح على الخفين و لباسالقفازين و كنت أرى في رجليه صلّى اللهعليه وسلّم نعلين أسودين جديدين و في يديهقفازين و كأنه يشير إلي مسرورا بما وضعتهفي هذا المنزل من العلم بما يستحقه جلالالله ثم يقول ما دام البدر طالعا فالنفوسفي البساتين نائمة و في جواسقها آمنة فإذاكان الظلام و لم يطلع