تعطي هاتان الصفتان من العزة لمن قامتا بهفأصحب الله من شاء صفة الافتقار و الفاقة والحاجة فذل لكل ذلول يرى أن له عنده حاجةيفتقر إليه فيها و ينحط عن رتبة عزه بسببهافربط الله الوجود على هذا و كان به صلاحالعالم فليس في الأسماء من أعطى الصلاحالعام في العالم و لا من له حكم في الحضرةالإلهية مثل هذا الاسم المذل فهو ساريالحكم دائما في الدنيا و الآخرة فمن أقامهالحق من العارفين في مشاهدته و تجلى له فيهو منه فلا يكون في عباد الله أسعد منهبالله و لا أعلم منه بأسرار الله على الكشفو هذا القدر من الإيماء في هذا الفصل كاففي علم التسخير الإلهي و الكوني فإنه ألحقالسيد بالعبيد و ألحق العبيد بالسيد وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
«الفصل الخامس و الثلاثون» في الاسمالإلهي القوي
و توجهه على إيجاد الملائكة و له منالحروف حرف الفاء و من المنازل المقدرةسعد الأخبية قال الله تعالى عَلَيْهامَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ و قال فيالملائكة وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَو قال لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّاوُسْعَها و إِلَّا ما آتاها و الأمر تكليففظهرت القوة في الملائكة بإمداد الاسمالقوي فإنه بقوته أمدهم و ليس في العالمالمخلوق أعظم قوة من المرأة لسر لا يعرفهإلا من عرف فيم وجد العالم و بأي حركةأوجده الحق تعالى و أنه عن مقدمتين فإنهنتيجة و الناكح طالب و الطالب مفتقر والمنكوح مطلوب و المطلوب له عزة الافتقارإليه و الشهوة غالبة فقد بان لك محل المرأةمن الموجودات و ما الذي ينظر إليها منالحضرة الإلهية و بما ذا كانت ظاهرة القوةو قد نبه الله على ما خصها به من القوة فيقوله في حق عائشة و حفصة وَ إِنْ تَظاهَراعَلَيْهِ أي تتعاونا عليه فَإِنَّ اللههُوَ مَوْلاهُ أي ناصره وَ جِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُبَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ هذا كله في مقاواةامرأتين و ما ذكر إلا الأقوياء الذين لهمالشدة و القوة فإن صالح المؤمنين يفعلبالهمة و هو أقوى الفعل فإن فهمت فقد رميتبك على الطريق فأنزل الملائكة بعد ذكرهنفسه وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُالْمُؤْمِنِينَ منزلة المعينين و لاقُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فدل أن نظرالاسم القوي إلى الملائكة أقوى في وجودالقوة فيهم من غيرهم فإنه منه أوجدهم فمنيستعان عليه فهو فيما يستعان فيه أقوى ممايستعان به فكل ملك خلقه الله من أنفاسالنساء هو أقوى الملائكة فإنه من نفسالأقوى فتوجه الاسم الإلهي القوي في وجودالقوة على إيجاد ملائكة أنفاس النساء أعطىللقوة فيهم من سائر الملائكة
اختصاص الملائكة بالقوة لأنها أنوار
و إنما اختصت الملائكة بالقوة لأنهاأنوار و أقوى من لنور فلا يكون لأن لهالظهور و به الظهور و كل شيء مفتقر إلىالظهور و لا ظهور له إلا بالنور في العالمالأعلى و الأسفل قال تعالى الله نُورُالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و
قيل إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّملما قيل له أ رأيت ربك فقال صلّى الله عليهوسلّم نوراني أراه
و
قال لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره منخلقه
و السبحات الأنوار فهي المظهرة للأشياء والمغنية لها و لما كان الظل لا يثبت للنورو العالم ظل و الحق نور فلهذا يفنى العالمعن نفسه عند التجلي فإن التجلي نور و شهودالنفس ظل فيفني الناظر المتجلي له عن شهودنفسه عند رؤية الله فإذا أرسل الحجاب ظهرالظل و وقع التلذذ بالشاهد و هذا الفصل علمفيه عظيم لا يمكن أن ينقال و لا سره أن يذاعمن علمه علم صدور العالم علم كيفية وَ اللهيَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ