النفس إذ كان لا يشعر كل أحد بذلك فإذا أخذالعارف يصف عيوب النفوس في حق كل طائفة منأصحاب المراتب كالسلطان و ما يتعلقبمرتبته من العيوب و القاضي و جميع الولاةو عيوب نفوس الزهاد و الصالحين و العوامفيعرف كل طائفة عيبها بعد ما كان مستوراعنها هذا حظهم من الهمز و اللمز
الأولياء الفاسقون الناقضون القاطعونالمفسدون
و منهم الفاسقون الناقضون القاطعونالمفسدون الفاسقون الخارجون عن الصفاتالتي تحول بينهم و بين السعادة و القربةإلى الله فهم يَنْقُضُونَ عَهْدَ الله منبَعْدِ مِيثاقِهِ و ذلك أنهم يعهدون معالله أن يطيعوه فإذا حصلوا في مقامالتقريب و الكشف رأوا أن الله هو العاملبهم وَ الله خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَفرأوا أنهم لا حول لهم و لا فعل و لا قولفنقضوا عهد الله برده إليه سبحانه لأنه ماانعقد ذلك إلا مع فاعل يفعله و رأوا مشاهدةأن الله هو الفاعل لذلك فلم يقع العهد فينفس الأمر إلا من الله بين الله و بين نفسهفعلموا أن الحجاب أعماهم عن هذا الإدراكفي حين أخذ العهد و أن العهد إنما يلزملأهل الحجاب فانتقض عهدهم و الأعمال تجريمنهم بالله و هم لا يرونها فهم المعصومونفي أعمالهم عن إضافتها إليهم و كذلك فيقطعهم ما أمرهم الله أن يصلوه من أرحامهمفقال عليه السلام الرحم شجنة من الرحمن منوصلها وصله الله فوصلوها بالرحمن و ردواالقطعة إلى موضعها فشاهدوا الرحمن يمتنعليهم و خرج هؤلاء من الوسط و امتثلوا قولالشارع بصلة الرحم فأخذها الناس على صلةالقرابة بالمال و يأخذ هؤلاء على صلةالقربى إلى الله فهم يدلون أرحامهم علىأصلهم و هو الرحمن و يرون في إعطائهمالصلات يد الله معطية و يد الله آخذة فإنهاشجنة من الرحمن فالعطاء منه و الأخذ منهفانقطع هؤلاء عن صلة الرحم بالمال لأنهملا يد لهم مع غاية الإحسان في الشاهد والناس لا يشعرون و كذلك قوله وَيُفْسِدُونَ في الْأَرْضِ و فساد دنياهمهو فسادهم في الأرض لأن الجنة في السماء وفي هذا الفساد صلاح آخرتهم في السماءفيصومون و يسهرون و يحملون الأثقال الشاقةو هذا كله من فساد أرض أجسامهم لما طرأعليها من النحول و الذبول و الضعف و هذاكله وصف أهل الشقاء في الكتاب فقالفَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ثم وصفهمالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ الله منبَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ماأَمَرَ الله به أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ في الْأَرْضِ
الأولياء الضالون
و منهم الضالون و هم التائهون الحائرون فيجلال الله و عظمته كلما أرادوا أن يسكنوافتح لهم من العلم به ما حيرهم و أقلقهم فلايزالون حيارى لا ينضبط لهم منه ما يسكنونعنده بل عقولهم حائرة فهؤلاء هم الضالونالذين حيرهم التجلي في الصور المختلفة
الأولياء المضلون
و منهم المضلون قال تعالى وَ ما كُنْتُمُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً و هو فيالاعتبار الذين أظهروا لأتباعهم منالمتعلمين طريق الحيرة في الله و العجز عنمعرفته و أنه بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّشَيْءٍ مع كونه خاطب عباده بالعمل و هوالعامل بهم لا هم فلما نبهوا الناس على مايقتضيه جلال الله من الإطلاق و عدمالتقييد كانوا مضلين أي محيرين من أجل ماحيروا الخلق في جلال الله فقال تعالى ماجعلناهم محيرين عضدا يعتضد بهم في تحييرهمبل أنا محيرهم على الحقيقة لا هم مع كونهملهم أجر ما قصدوه و الدليل على أني محيرهملا هم و لا اتخذتهم عضدا أن من الناس منيقبل منهم و من الناس من لا يقبل و لو كانالأمر بأيديهم لأثروا في الكل القبول فلماكان الأمر بيدي لا بأيديهم جعلت القبول فيالبعض دون البعض فقبلوا الحيرة في فإناكنت محيرهم لا هم فعلى هذا يعتبر قوله وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَعَضُداً بل لناجرهم على ذلك
الأولياء الكاذبون
و منهم الكاذبون و هم الذين يقولون صليناو سمعنا و أطعنا و قيل لهم يَقُولُواسَمِعْنا وَ أَطَعْنا و غير ذلك ممايدعونه من أعمال البر المأمور بها شرعا وهم يعلمون أن الأمور بيد الله و أنه لو لاما أجرى الله العمل على أيديهم ما ظهر و لولا أن الله قال لهذا العمل كن في هذا المحلما كان و هم مع ذلك يضيفونه إلى أنفسهم فهمكاذبون من هذا الوجه و هكذا يسرى في سائرالأعمال
الأولياء المكذبون
و منهم المكذبون و هي الطائفة التي ترىهؤلاء المدعين في أعمالهم ممن يراها أنهاأعمالنا و ممن يراها أنها من الله و لكنيدعونها و هم كاذبون فتكذبهم هذه الطائفةفي دعواهم و إضافتهم ذلك إليهم فيقال فيهممكذبون و الكامل من يضيف الأعمال على حد ماأضافها الحق و يزيلها عن الإضافة على حد ماأزالها الحق من علمه بالمواطن فمن نقص عنهذا النظر و كذب المدعين في كل حال فقدنقصه هذا الأدب مع كونه جليل القدر فهذاالنقص يعبر عنه بالويل في حقه الذي فيالعموم للمكذبين فإنه يقول يوم القيامةإذا رأى ما فاته في تكذيبه من المواطن التيكان ينبغي له أن يقرر فيها إضافة العملإليهم فلم يفعل يا ويلنا لم لم أحقق النظرفي ذلك حتى