درجات منه و ما جعلها درجة واحدة كما قالفي المجاهدين في سبيل الله حيث جعل لهمدرجة واحدة ثم زادهم ما ذكر في تمام الآية
المجاهدون في الله حق جهاده
فهذان صنفان قد ذكرنا و أما الصنف الثالثو هم الذين جاهدوا في الله حَقَّ جِهادِهِفالهاء من جهاده تعود على الله أي يتصفونبالجهاد أي في حال جهاده صفة الحق كماذكرنا في التردد الإلهي أي لا يرون مجاهداإلا الله و ذلك لأن الجهاد وقع فيه و لايعلم أحد كيف الجهاد في الله إلا الله فإذاردوا ذلك إلى الله و هو قوله حَقَّجِهادِهِ فنسب الجهاد إليه بإضافة الضميرفكان المجاهد لا هم و إن كانوا محل ظهورالآثار فهم المجاهدون لا مجاهدون
قال الله لموسى يا موسى اشكرني حق الشكرقال يا رب و من يقدر على ذلك قال إذا رأيتالنعمة مني فقد شكرتني حق الشكر و هذاالحديث خرجه ابن ماجة في سننه
العمل المضاف إلى الله عن ذوق و كشف ومشاهدة
فكل عمل أضفته إلى الله عن ذوق و كشف ومشاهدة لا عن اعتقاد و حال بل عن مقام و علمصحيح فقد أعطيت ذلك العمل حقه حيث رأيتهممن هو له فحيث ما وقع لك مثل هذا فشرحه ماشرحه به الله على لسان رسوله فبلغه إلينا وهي طريقة موصلة إلى الله سهلة لينة قريبةالمأخذ مستوية لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً
و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
و الصنف الرابع هم الذين قال الله فيهم وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينالَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا الذين قلنالهم فيها وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَفَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعنيالسبيل التي لكم فيها السعادة و إلافالسبل كلها إليه لأن الله منتهى كل سبيلفـ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُو لكن ما كل من رجع إليه سعد فسبيل السعادةهي المشروعة لا غير و إنما جميع السبلفغايتها كلها إلى الله أولا ثم يتولاهاالرحمن آخر أو يبقى حكم الرحمن فيها إلىالأبد الذي لا نهاية لبقائه و هذه مسألةعجيبة المكاشف لها قليل و المؤمن بها أقل ولما كان سبب الجهاد أفعالا تصدر من الذينأمرنا بقتالهم و جهادهم و تلك الأفعالأفعال الله فما جاهدنا إلا فيه لا في العدوو إذ لم يكن عدوا إلا بها فإذا جاهدنا فيه وتبين لنا بقوله إذا جاهدنا فيه إن يهديناسبله أي يبين لنا سبلها فندخلها فلا نرىإذا جاهدنا غيرا فاستغفرنا الله مما وقعمنا و كان من السبل مشاهدة ما وقع منا إنهالموقع لا نحن فاستغفرنا الله أي طلبنامنه أن لا نكون محلا لظهور عمل قد وصف نفسهبالكراهة فيه فقد ثبت أنه ما في الوجود إلاالله فما جاهد فيه سواه و لو لا ما هداناسبله ما عرفنا ذلك و لذلك تمم الآية بقولهوَ إِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و
الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه
فإذا رأيته علمت إن الجهاد إنما كان منه وفيه
الكتاب الإلهي و الكتابة الإلهية
فهذا قد أعربت لك عن أحوال أهل المجاهداتو هم المجاهدون و الكلام يطول في تفاصيلهذا الباب و الكتاب كبير فإن استقصيناإيراد ما يطلبه منا كل باب لا يفي العمربكتابته فإذا و لا بد من الاقتصار فلنقتصرعلى ما يجري من كل باب مجرى الأمهات لا غيرو كل أم مثل حواء مع بنى آدم فإنهم بنوهاكلهم فلو أعطانا الله الكتابة الإلهيةأبرزنا جميع ما يحويه هذا الكتاب علىالاستيفاء في ورقة صغيرة واحدة كما خرجرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكتابينفي يده بالكتاب الإلهي الذي ليس لمخلوقفيه تعمل و أخبر أن في الكتاب الذي فييمينه أسماء أهل الجنة و أسماء آبائهم وقبائلهم و عشائرهم من أول خلقهم إلى يومالقيامة و الكتاب الآخر مثله في أسماء أهلالشقاء و لو كان ذلك بالكتاب المعهود ماوسع ورقه المدينة فمثل ذلك لو وقع لناأظهرناه في اللحظة و قد رأينا تلك الكتابةو هي كالجنة في عرض الحائط و النار و كصورةالسماء في المرآة
درجات أهل الله في المجاهدة
فلنذكر ما لهذه الصفة التي هي المجاهدة منالمقامات التي هي مراتبها و منازلها الذينينزلها أهلها و هم الملامية و هم قسمان أهلأدب بوقوف عند حد و أهل أنس و وصال و كذلكما للعارفين من هذا الباب و هم قسمان أهلأدب و وقوف عند حد و أهل أنس و وصال و هذاسار في كل مقام فالذي للملامية منه منالصنف الذي له أدب الوقوف عند الحدودفثلاث و خمسون درجة و إنما عدلنا إلى ذكرالدرجات لما سمعنا الله يقول بالدرجات فيفضلهم فاتبعنا ما قال الله فهو أولى بنا والتي للملامية أهل الأنس و الوصال منالدرجات في هذا الباب أربعمائة درجة وثلاث و خمسون و أما درجات العارفين أهلالأنس و الوصال فلهم أربعمائة درجة و أربعو ثمانون درجة و أما الذي لأهل الأدب والوقوف عند الحدود من العارفين فتسع وثمانون درجة تسعون إلا واحدة بينه و بيندرجات الأسماء الإلهية عشرة
الباب السابع و السبعون في ترك المجاهدة
لا تجاهد فإن عين المنازع
هو عين الذيتجاهد فيه
هو عين الذيتجاهد فيه
هو عين الذيتجاهد فيه