قال تعالى وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُلِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّاهَمْساً حكم اقتضاه الموطن
الخلق كلهم في قبضة الحق
و اعلم أيها الولي الحميم أن الخلق كان فيقبض الحق للحق فلما انبسط ظهر للعالم
قال الله تعالى لآدم و يداه مقبوضتان ياآدم اختر أيتهما شئت فقال آدم اخترت يمينربي و كلتا يدي ربي يمين مباركة فبسطهافإذا فيها آدم و ذريته
و لو فتح الأخرى لكان فيها سائر العالمفانظر إلى كون الإنسان في اليمين الحق إذعلم آدم أن بين اليدين فرقانا و لذلك قالأدبا و كلتا يدي ربي يمين مباركة فاختارالقوة نظرا إلى نفسه لما علم أنه علىالصورة و أنه خليفة فعلم إن القوة لهفاختار الأقوى بأدب و لما كان الخلق مطويافي الحق لم ير نفسه و هو مشهود لله فلما كانالبسط الإلهي ظهر العالم لنفسه فرأى نفسهو رأى من كان في قبضته عن شهود نفسه فعلم منأين صدر و كيف صدر و ما علم هل له رجوع أم لافقيل له وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُكُلُّهُ و إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و علم أنالرجوع إنما هو رد إلى الأصل و قد علم أصلالوجود فعلم إلى أين يرجع و قد كان فيالأصل لا يعلم نفسه فعلم أنه يرجع إلىمنزله لا بعلم نفسه مع ظهور عينه كما لميشهد نفسه إذ كان في قبضة موجدة فيكون مالالعارفين و رجوعهم مع ثبوت عينهم إلى أنالحق عينهم لا هم و هذا مقام لا يكون إلاللعارفين فهم مقبوضون في حال بسطهم و لايصح لعارف قط إن يكون مقبوضا في غير بسط ولا مبسوطا في غير قبض و ما سوى العارف إذاكان في حال قبض لا يكون له حال بسط و إذاكان في حال بسط لا يكون له حال قبض فالعارفلا يعرف إلا بجمعه بين الضدين فإنه حق كلهكما قال أبو سعيد الخراز و قد قيل له بمعرفت الله فقال بجمعه بين الضدين لأنهشاهد جمعهما في نفسه و قد علم أنه علىصورته و سمعه يقول هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وبهذه الآية احتج في ذلك ثم نظر إلى العالمفرآه إنسانا كبيرا في الجرم و رآه قد جمعبين الضدين فإنه رأى فيه الحركة و السكون والاجتماع و الافتراق و رأى فيه الأضداد وهو أيضا على صورة العالم كما هو على صورةالحق فانظر ما أعجب هذه اللفظة من أبي سعيدو لهذا المقام كان يشير ذو النون المصري فيمسائله من إيراد الكبير على الصغير وإدخال الواسع في الضيق من غير إن يوسعالضيق أو يضيق الواسع و قد ذكرنا هذهالمسألة في معرفة الخيال من باب المعرفةمن هذا الكتاب مستوفاة فبسط العلماء باللهمن البسط المنسوب إلى الحق بل هو عين البسطالمنسوب إلى الحق لأنهم إليه رجعوا
فلم يكن البسط الإله
فهم أهل محو و إنأثبتوا
فهم أهل محو و إنأثبتوا
فهم أهل محو و إنأثبتوا
و هذا القدر كاف في تحقيق البسط من العلمالإلهي
«الباب العشرون و مائتان في معرفة الفناءو أسراره»
إن الفناء أخو العدم
هو عن كذا لا غيره
ثم الفناء عن الفناء
فشبيهه بل عينه
هي لفظة ما تحتها
ما زال تطلبه الرجاء
به عصمفيه إذا سلطانه
و له التسلط إنحكم
فبعن له فينا قدم
حجاب ما ينفيالظلم
ما قيل في عدم العدم
عين و لكن تحتكم
به عصمفيه إذا سلطانه
به عصمفيه إذا سلطانه
ما المراد بالفناء
اعلم أن الفناء عند الطائفة يقال بإزاءأمور فمنهم من قال إن الفناء فناء المعاصيو من قائل الفناء فناء رؤية العبد فعلهبقيام الله على ذلك و قال بعضهم الفناءفناء عن الخلق و هو عندهم على طبقات منهاالفناء عن الفناء و أوصله بعضهم إلى سبعطبقات فاعلموا أيدنا الله و إياكم بروحالقدس أن الفناء لا يكون إلا عن كذا كما إنالبقاء لا يكون إلا بكذا و مع كذا فعنللفناء لا بد منه و لا يكون الفناء في هذاالطريق عند الطائفة إلا عن أدنى بأعلى وأما الفناء عن الأعلى فليس هو اصطلاحالقوم و إن كان يصح لغة
فأما الطبقة الأولى في الفناء فهي إن تفنيعن المخالفات
فلا تخطر لك ببال عصمة و حفظا إلهيا و رجالالله هنا على قسمين القسم الواحد رجال لميقدر عليهم المعاصي فلا يتصرفون إلا فيمباح و إن ظهرت منهم المخالفات المسماةبالمعاصي شرعا في الأمة إلا إن الله وفقهؤلاء فكانوا ممن أذنبوا فعلموا إن لهمربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب فقيل لهم علىسماع منهم لهذا القول
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
و كأهل بدر ففنيت عنهم أحكام المخالفاتفما خالفوا فإنهم ما تصرفوا إلا فيما أبيحلهم فإن الغيرة الإلهية تمنع أن ينتهكالمقربون عنده حرمة الخطاب