و نفى التشبيه بأحدية كل أحد بقوله وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و أثبتله أحدية لا نكون لغيره و أثبت لهالصمدانية و هي صفة تنزيه و تبرئة فارتفعإن يكون الضمير يعود على الرب المذكورالمضاف إلى الخلق في قولهم له صلّى اللهعليه وسلّم انسب لنا ربك فأضافوه إليه لاإليهم و لما نسبه صلّى الله عليه وسلّم بماأنزل عليه لم يضفه لا إليه و لا إليهم بلذكره بما يستحقه جلاله فإذا ليس الضمير فيهو الله يعود على من ذكر و أين المطلق منالمقيد فهوية المقيد ليست هوية المطلقفهوية المقيد نسبة تتعلق بالكون فتتقيد بهإذ تقيد الكون بها فيقال خالق و مخلوق وقادر و مقدور و عالم و معلوم و مريد و مرادو سميع و مسموع و بصير و مبصر و مكلم و مكلمو الحي ليس كذلك فهو هويته لا تعلق لهبالكون و ليس القيوم كذلك فإذا عرفت ماذكرناه عرفت أن الإضمار قبل الذكر لا يصحإلا على الله و بعد الذكر تقع فيه المشاركةقال تعالى الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّاهُوَ فأعاد الضمير على الله المذكور فيأول الآية
أن التوحيد الذي يؤمر به العبد غيرالتوحيد الذي يوحد الحق به نفسه
و اعلم أن التوحيد الذي يؤمر به العبد أنيعلمه أو يقوله ليس هو التوحيد الذي يوحدالحق به نفسه فإن توحيد الأمر مركب فإنالمأمور بذلك مخلوق و لا يصدر عن المخلوقإلا ما يناسبه و هو مخلوق عن مخلوق فهوأبعد في الخلق عن الله من الذي وجد عنه هذاالتوحيد على كل مذهب من نفاة الأفعال عنالمخلوقين و مثبتيها لأن النفاة قائلونبالكسب و غير النفاة قائلون بالإيجاد فكيفيليق بالجناب العزيز ما هو مضاف إلى الخلقو إن كنا تعبدنا به شرعا فنقرره في موضعه ونقوله كما أمرنا به على جهة القربة إليه معثبوت قدمنا فيما أشهدنا الحق من المعرفةبه من كونه لا يعرف في لَيْسَ كَمِثْلِهِشَيْءٌ و فيما ذكره في سورة الإخلاص و فيعموم قوله بالتسبيح الذي هو التنزيه رَبِّالْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ و العزةتقتضي المنع أن يوصل إلى معرفته و من أسرارهذا المنزل قوله لَوْ أَرادَ الله أَنْيَتَّخِذَ وَلَداً فإن كان لو حرف امتناعو لكنه امتناع شيء لامتناع غيره فهو عدملعدم فإذا جاء حرف لا بعد لو كان لو حرفامتناع لوجود و لم يأت في هذه الآية لافنفى الإرادة أن تتعلق باتخاذ الولد و لميقل إن يلد ولدا فإنه يقول لَمْ يَلِدْ والولد المتخذ يكون موجود العين من غير أنيكون ولدا فيتبنى بحكم الاصطفاء و التقريبفي المنزلة أن ينزله من نفسه منزلة الولدمن الوالد الذي يكون له عليه ولادة والحقيقة تمنع من الولادة و التبني لأنالنسبة مرتفعة عن الذات و النسبة الإلهيةمن الله لجميع الخلق نسبة واحدة لا تفاضلفيها إذا لتفاضل يستدعي الكثرة فلهذا أتىبلفظة لو و لم يجعل بعدها لفظة لا فكان حرفامتناع أي لم يقع ذلك و لا يقع لامتناعالذات إن توصف بما لا تستحقه و لهذا قال مااتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً بعد قولهتعالى وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنافوصفه بالعلو عن قيام هذا الوصف لعظمةالرب المضاف إلى المربوب بالذكر فكيفبالرب من غير إضافة لفظية فكيف بالاسمالله فكيف بالذات من غير اسم فأعظم من هذاالتنزيه ما يكون و أما نفي الكفاءة و المثلفربما يتوهم من لا معرفة له بالحقائق أنهلو وجدت الكفاءة جاز وقوع الولد بوجودالصاحبة التي هي كفؤ فليعلم إن الكفاءةمشروعة لا معقولة و الشرع إنما لزمها منالطرف الواحد لا من الطرفين فمنع المرأةأن تنكح ما ليس لها بكفء و لم يمنع الرجلأن ينكح ما ليس بكفء له و لهذا له أن ينكحأمته بملك اليمين و ليس للمرأة أن ينكحهاعبدها و الحق ليس بمخلوق و هو الوالد لوكان له ولد و الكفاءة من جهة الصاحبة لاتلزم فارتفع المانع لوجود الولد لا لعدمالكفاءة بل لما تستحقه الذات من ارتفاعالنسب و النسب و لما تستحقه أحدية الألوهةإذا لولد شبيه بأبيه فبطل مفهوم من حمل مااتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً على جوازذلك إذ كان متخذا و كان المفهوم منه و مننفي الكفء و المثل ما ذكرناه و لما كانالتنزيه للذات على ما قررناه بطل أن تكونالمعرفة به القائمة بنا نتيجة عن معرفتنابنا لاستنادنا إليه من حيث إمكاننا و إنذلك لا يتضمن معرفة ذاته بالصفة الثبوتيةالنفسية التي هو عليها بالأصح من ذلك إلاالاستناد لذات منزهة عما ينسب إلينامجهولة عندنا ما ينسب إليها من حيثنفسيتها فلا يعرف سبحانه أبدا و إذا كانتالمعرفة به من النزاهة و العلو بهذا الحدفأحرى إن يكون وجوده معلولا لعلة تتقدمهفي الرتبة أو مشروطا بشرط متقدم أو محققالحقيقة حاكة أو مدلولا لدليل يربطه به وجهذلك الدليل فلا جامع سبحانه بيننا و بينهمن هذه الجوامع الأربعة فالتحقت المعرفةبه منا بوجوده في النزاهة و الرفعة عنالإدراك لها و كما لم يصح أن ينتجه شيءفلا تكون هويته أيضا من حيث هويته لا منحيث مرتبته تنتج شيئا إذ لو ارتبط به شيءمن حيث هويته لارتبطت