باطن النشأة و دخل الخزانة وجد صورالألوان التي اختزنها فيها قبل طرق الآفةو كذلك كل ما أعطته قوة من قوى الحس الذينهم جباة هذه المملكة و لله تجل في هذهالخزانة في صورة طبيعية بصفات طبيعيةمثل
قوله (ص) رأيت ربي في صورة شاب
و هو ما يراه النائم في نومه من المعاني فيصور المحسوسات لأن الخيال هذه حقيقته أنيجسد ما ليس من شأنه أن يكون جسدا و ذلك لأنحضرته تعطي ذلك و ما ثم في طبقات العالم منيعطي الأمر على ما هو عليه سوى هذه الحضرةالخيالية فإنها تجمع بين النقيضين و فيهاتظهر الحقائق على ما هي عليه لأن الحق فيالأمور أن تقول في كل أمر تراه أو تدركهبأي قوة كان الإدراك إن ذلك الذي أدركته هولا هو كما قال وَ ما رَمَيْتَ إِذْرَمَيْتَ فلا تشك في حال الرؤيا في الصورةالتي تراها أنها عين ما قيل لك إنه هو و ماتشك في التعبير إذا استيقظت أنه ليس هو ولا تشك في النظر الصحيح أن الأمر هو لا هوقيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت الله قالبجمعه بين الضدين فكل عين متصفة بالوجودفهي لا هي فالعالم كله هو لا هو و الحقالظاهر بالصورة هو لا هو فهو المحدود الذيلا يحد و المرئي الذي لا يرى و ما ظهر هذاالأمر إلا في هذه الحضرة الخيالية في حالالنوم أو الغيبوبة عن ظاهر المحسوسات بأينوع كان و هي في النوم أتم وجودا و أعمهلأنه للعارفين و العامة و حال الغيبة والفناء و المحو و شبه ذلك ما عدا النوم لايكون للعامة في الإلهيات فما أوجد اللهشيئا من الكون على صورة الأمر على ما هوعليه في نفسه إلا هذه الحضرة فلها الحكمالعام في الطرفين كما للممكن قبولالنقيضين فيكون له ذلك ذوقا فإن الذييستحيل عليه العدم و إن كان له العلمبالعدم لا يكون علمه ذاتيا و هو الذي يسمىذوقا بخلاف الممكن فإن العدم له ذوق و الذييستحيل عليه الوجود و العلم به لا ذوق لهفي الوجود رأسا و الممكن له في الوجود ذوقفأوجد الله هذه الحضرة الخيالية ليظهرفيها الأمر الذي هو الأصل على ما هو عليه
النوم معبر
فاعلم أن الظاهر في المظاهر مظاهرالأعيان هو الوجود الحق و أنه ما هو لماظهر به من الأشكال و النعوت التي أعيانالممكنات عليها و جعل هذه الحضرة كالجسربين الشطين للعبور عليه من هذا الشط إلىهذا الشط فجعل النوم معبرا و جعل المشيعليه عبورا قال تعالى إِنْ كُنْتُمْلِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ و جعل إدراك ذلكفي حالة تسمى راحة و هي النوم من حقيقةقوله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما في سِتَّةِأَيَّامٍ فأضاف العمل إليه و ذكر في الخلقأنه بيديه و بأيد و بيده و بقوله ثم أعلمناأنه و إن اتصف بالعمل إنه لم يؤثر فيه تعبفقال وَ ما مَسَّنا من لُغُوبٍ و قال وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ فمن هذهالحقيقة ظهرت الأعمال العظيمة المحرجةالمتعبة في النوم الذي هو راحة البدن أيالطبيعة مستريحة في هذه الحال من الحركاتالحسية الظاهرة فهذا هو العمل العظيم فيراحة من حيث لا يشعر إنه في راحة و لا سيماإذا رأى في النوم أمورا هائلة مفزعة فإذااستيقظ وجد الراحة فعلم أنه كان في راحة منحيث لا يشعر و منهم من يعلم في النوم أنه فيالنوم و الناس فيه على طبقات و إنما سميناهذه الحالة بانتقال لأن المعاني تنتقل منتجريدها عن المواد إلى لباس المواد كظهورالحق في صور الأجسام و العلم في صورة اللبنو ما أشبه ذلك و الانتقال الثاني انتقالالحواس من الظاهر المحسوس إلى هذه الحضرةبالظاهر المحسوس و لكن له في هذه الحضرةثبوته الذي له في حضرة اليقظة فإنه سريعالتبدل في هذه الحضرة كما يتبدل في اليقظةفي صور مختلفة في باطنه لا في ظاهره فباطنهفي اليقظة هي هذه الحضرة و جعل الليل لباسالها فإن الليل لا يعطي للناظر في نظرة سوىنفسه فهو يدرك و لا يدرك به فإنه غيب و ظلمةو الغيب و الظلمة يدركان و لا يدرك بهما والضوء يدرك و يدرك به و هو حال اليقظةفلهذا تعبر الرؤيا و لا يعبر ما أدركه الحسفإذا ارتقى الإنسان في درج المعرفة علمأنه نائم في حال اليقظة المعهودة و أنالأمر الذي هو فيه رؤيا إيمانا و كشفا ولهذا ذكر الله أمورا واقعة في ظاهر الحس وقال فاعتبروا و قال إِنَّ في ذلِكَلَعِبْرَةً أي جوزوا و اعبروا مما ظهر لكممن ذلك إلى علم ما بطن به و ما جاء له
قال (ع) الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
و لكن لا يشعرون و لهذا قلنا إيمانا و قدذكرنا هذا المقام مستوفى في باب المعرفةمن هذا الكتاب و قد تقدم و هو الباب السابعو السبعون و مائة فالوجود كله نوم و يقظتهنوم فالوجود كله راحة و الراحة رحمة فـوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فإليها المالتقول الملائكة لله وَسِعْتَ كُلَّشَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً و هنا سر إنبحثت عليه انتهيت إليه و هو رحمتهبالأسماء