صالحا فهذا هو الصلاح الذي رغبت فيهالأنبياء صلوات الله عليهم فكل من لميدخله خلل في صديقيته فهو صالح و لا فيشهادته فهو صالح و لا في نبوته فهو صالح والإنسان حقيقته الإمكان فله إن يدعوبتحصيل الصلاح له في المقام الذي يكون فيهلجواز دخول الخلل عليه في مقامه لأن النبيلو كان نبيا لنفسه أو لإنسانيته لكان كلإنسان بتلك المثابة إذ العلة في كونه نبياكونه إنسانا فلما كان الأمر اختصاصا إلهياجاز دخول الخلل فيه و جاز رفعه فصح إن يدعوالصالح بأن يجعل من الصالحين أي الذين لايدخل صلاحهم خلل في زمان ما فهذا نعنيبالصالحين في هذا الباب و الله الموفق
الأولياء المسلمون
و من الأولياء أيضا رضي الله عنهمالمسلمون و المسلمات و هكذا كل طائفةذكرناهم منهم الرجال و النساء تولاهم اللهبالإسلام و هو انقياد خاص لما جاء من عندالله لا غير فإذا و في العبد الإسلام بجميعلوازمه و شروطه و قواعده فهو مسلم و إنانتقص شيئا من ذلك فليس بمسلم فيما أخل بهمن الشروط
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّمالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده
و اليد هنا بمعنى القدرة أي سلم المسلمونمما هو قادر على أن يفعل بهم مما لا يقتضيهالإسلام من التعدي لحدود الله فيهم فأتىبالأعم و ذكر اللسان لأنه قد يؤذي بالذكرمن لا يقدر على إيصال الأذى إليه بالفعل وهو البهتان هنا خاصة لا الغيبة فإنه قالالمسلمون فلو قال الناس لدخلت الغيبة وغير ذلك من سوء القول فلم يثبت الشارعالإسلام إلا لمن سلم المسلمون و هم أمثالهفي السلامة فالمسلمون هم المعتبر في هذاالحديث و هم المقصود فإن المسلمين لايسلمون من لسان من يقع فيهم إلا حتى يكونواأبرياء مما نسب إليهم و لذلك فسرناهبالبهتان فإن النبي صلّى الله عليه وسلّمقال إذا قلت في أخيك ما ليس فيه فذلكالبهتان و في رواية فقد نبهته فخاب سهمكالذي رميته به فإنه ما وجد منفذا فإنك نسبتإليه ما ليس هو عليه فسماهم الله مسلمينفمن وقع فيمن هذه صفته فليس بمسلم لأن ذلكالوصف الذي وصفه المسلم به و رماه به و لميكن المسلم محلا له عاد على قائله فلم يكنالرامي له بمسلم فإنه ما سلم مما قال إذصار عليه سهم كلامه الذي رماه به
قال صلّى الله عليه وسلّم من قال لأخيهكافر فقد باء به أحدهما
و قال تعالى في حق قوم قِيلَ لَهُمْآمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ قالالله فيهم أَلا إِنَّهُمْ هُمُالسُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَفأعاد الصفة عليهم لما لم يكن المسلمونالمؤمنون أهل سفه أي ضعف رأى في إيمانهمفعاد ما نسبوه من ضعف الرأي الذي هو السفهإليهم فليس المسلم إلا من سلم من جميعالعيوب الأصلية و الطارئة فلا يقول في أحدشرا و لا يؤثر فيه إذا قدر عليه شرا أصلا وليس إقامة الحدود بشر فإنه خير إذ جعل اللهإقامة الحدود كشرب الدواء للمريض لأجلالعافية و زوال المرض فهو و إن كان كريهافي الوقت فإن عاقبته محمودة فما قصدالطبيب بشرب الدواء شرا للمريض و إنماأعطاه سبب حصول العافية فيتحمل ما فيه منالكراهة في الوقت كذلك إقامة الحدود و أماالقصاص في مثل قوله وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍسَيِّئَةٌ مِثْلُها فلا يخرجه ذلك عنالإسلام فإن النبي صلّى الله عليه وسلّماشترط سلامة المسلمين و من آذاك ابتداء عنقصد منه فليس بمسلم فإنك ما سلمت منه و
النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول من سلمالمسلمون
فلا يقدح القصاص في الإسلام فإنك ما آذيتمسلما من حيث آذاك فإن المسلم لا يؤذيالمسلم بل أسقط عنه القصاص في الدنياالقصاص في الآخرة فقد أنعم عليه يضرب منالنعم فإن عَفا وَ أَصْلَحَ و لم يؤاخذه وتجاوز عن سيئته فذلك المقام العالي و أجرهعلى الله بشرط ترك المطالبة في الآخرة و حقالله ثابت قبله لأنه تعدى حده فقدح فيإسلامه قدر ما تعدى فيه فإن عصى المسلم ربهفي غير المسلم هل يكون مسلما بذلك أم لاقلنا لا يكون مسلما فإن الله يقول إِنَّالَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَ رَسُولَهُلَعَنَهُمُ الله في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ و المسلم لا يكون ملعونافلقائل أن يقول هنا بالمجموع كانت اللعنةو نحن إنما قلنا من آذى الله وحده قلنا كلمن آذى الله وحده في زعمه فقد آذى المسلمينفإن المسلم يتأذى إذا سمع في الله من القولما لا يليق به فهو مؤاخذ من جهة ما تأذى بهالمسلمون من قولهم في الله ما لا يليق بهفإن قيل فإن لم يعرف ذلك المسلمون منه حتىيتأذوا من ذلك قلنا حكم ذلك حكم الغيبةفإنه لو عرف من اغتيب تأذى و هو مؤاخذبالغيبة فهو مؤاخذ بإيذائه الله و إن لميعرف بذلك مسلم
قال صلّى الله عليه وسلّم لا أحد أصبر علىأذى من الله
المسلم من كان بهذه المثابة و هو السعيدالمطلق وَ قَلِيلٌ ما هُمْ
الأولياء المؤمنون
و من الأولياء أيضا رضي الله عنهمالمؤمنون و المؤمنات تولاهم اللهبالإيمان الذي هو القول و العمل