جميع الوجوه إذا فلا تعقل الأسماء إلا بأنتعقل النسب و لا تعقل النسب إلا بأن تعقلالمظاهر المعبر عنها بالعالم فالنسب علىهذا تحدث بحدوث المظاهر لأن المظاهر منحيث هي أعيان لا تحدث و من حيث هي مظاهر هيحادثة فالنسب حادثة فالأسماء تابعة لها ولا وجود لها مع كونها معقولة الحكم
الواحد الأحد هو أول الأسماء
فإذا ثبت هذا فالقائل ما بدء الأسماء هوالقائل ما بدء النسب و النسبة أمر معقولغير موجود بين اثنين فأما إن نتكلم فيها منحيث نسبتها إلى الأول أو من حيث ما دلالأثر عليها فإن نظرنا فيها من حيث المسمىبها لا من حيث دلالة أثرها كان قوله ما بدءالأسماء معناه ما أول الأسماء فلنقل أولالأسماء الواحد الأحد و هو اسم واحد مركبتركيب بعلبك و رامهرمز و الرحمن الرحيم لانريد بذلك اسمين و إنما كان الواحد الأحدأول الأسماء لأن الاسم موضوع للدلالة و هيالعلمية الدالة على عين الذات لا من حيثنسبة ما يوصف بها كالاسماء الجوامدللأشياء و ليس أخص في العلمية من الواحدالأحد لأنه اسم ذاتي له يعطيه هذا اللفظبحكم المطابقة
الله اسم للمرتبة لا للذات
فإن قلت فالله أولى بالأولية من الواحدالأحد لأن الله ينعت بالواحد الواحد و لاينعت بالله قلنا مدلول الله يطلب العالمبجميع ما فيه فهو له كاسم الملك أو السلطانفهو اسم للمرتبة لا للذات و الأحد اسم ذاتيلا يتوهم معه دلالة على غير العين فلهذا لميصح أن يكون الله أول الأسماء فلم يبق إلاالواحد حيث لا يعقل منه إلا العين من غيرتركيب و لو تسمى بالشيء لسميناه الشيءو كان أول الأسماء لكنه لم يرد في الأسماءالإلهية يا شيء و لا فرق بين مدلولالواحد و الشيء فإنه دليل على ذات غيرمركبة إذ لو كانت مركبة لم يصح اسم الواحدو لا الشيء عليه حقيقة فلا مثل له و لاشبه يتميز عنه شخصيته فهو الواحد الأحد فيذاته لذاته
الأعيان الثابتة و نسبتها إلى أولالأسماء
و مع هذا فقد قررنا إن الأسماء عبارة عننسب فما نسبة هذا الاسم الأول و لا أثر لهمنه يطلبه قلنا أما النسبة التي أوجبت لههذا الاسم فمعلومة و ذلك أن في مقابلةوجوده أعيانا ثابتة لا وجود لها إلا بطريقالاستفادة من وجود الحق فتكون مظاهره فيذلك الاتصاف بالوجود و هي أعيان لذاتها ماهي أعيان لموجب و لا لعلة كما إن وجود الحقلذاته لا لعلة و كما هو الغني لله تعالىعلى الإطلاق فالفقر لهذه الأعيان علىالإطلاق إلى هذا الغني الواجب الغني بذاتهلذاته و هذه الأعيان و إن كانت بهذهالمثابة فمنها أمثال و غير أمثال متميزةبأمر و غير متميزة بأمر يقع فيه الاشتراكفلا يصح على كل عين منها اسم الواحد الأحدلوجود الاشتراك و المثلية فلهذا سمينا هذهالذات الغنية على الإطلاق بالواحد الأحدلأنه لا موجود إلا هي فهي عين الوجود فينفسها و في مظاهرها و هذه نسبة لا عن أثر إذلا أثر لها في كون الأعيان الممكناتأعيانا و لا في إمكانها
الوهاب هو أول اسم ظهر أثره في الأعيانالثابتة
و أما إذا كان قوله ما بدء الأسماء بمعنىما تبتدئ به الأسماء من الآثار في هذهالأعيان فيطلب هذا السؤال أمرين الأمرالواحد ما يبتدئ به في كل عين عين و الأمرالآخر ما يبتدئ به على الإطلاق في الجملة ومعناه ما أول اسم يطلب أن يظهر أثره في هذهالأعيان فاعلم إن ذلك الاسم هو الوهابخاصة في الجملة و في عين عين لا فرق و هواسم أحدثته الهبات لهذه الأعيان من حيثفقرها فلما انطلق عليها اسم مظهر و قد كانتعرية عن هذا الاسم و لم يجب على الغني أنيجعلها مظاهر له طلبت هذه النسبة الاسمالوهاب و لهذا لا نجعله تعالى علة لشيءلأن العلة تطلب معلولها كما يطلب المعلولعلته و الغني لا يتصف بالطلب إذا فلا يصحأن يكون علة و الوهب ليس كذلك فإنه امتنانعلى الموهوب له و إن كان الوهب له ذاتيافإنه لا يقدح في غناه عن كل شيء و الذييبتدئ به من الوهب إعطاء الوجود لكل عينحتى وصفها بما لا تقضيه عينها فأول مايبتدئ به من الأعيان ما هو أقرب مناسبةللأسماء التي تطلب التنزيه ثم بعد ذلكيظهر سلطان الأسماء التي تطلب التشبيهفالأسماء التي تطلب التنزيه هي الأسماءالتي تطلب الذات لذاتها و الأسماء التيتطلب التشبيه هي الأسماء التي تطلب الذاتلكونها إلها فأسماء التنزيه كالغني والأحد و ما يصح أن ينفرد به و أسماءالتشبيه كالرحيم و الغفور و كل ما يمكن أنيتصف به العبد حقيقة من حيث ما هو مظهر لامن حيث عينه لأنه لو اتصف به من حيث عينهلكان له الغني و لا غنى له أصلا
الأعيان التي هي المظاهر لا يزول عنهااسم الفقر
فإذا اتصفت هذه الأعيان التي هي المظاهربمثل الغني و تسمت بالغنى فيكون معنى ذلكالغني بالله عن غيرها من الأعيان لا إنالعين غني بذاته و كذا كل اسم تنزيه فلهاهذه الأسماء من حيث ما هي مظاهر فإن كانالمسمى لسان الظاهر فيها فهو كونه إلهافهو أقرب نسبة إلى الذات من لسان المظهرإذا تسمى بالغني فالمظهر لا يزول عنه اسم