ما لله لله و ما يقول الكون إنه للعبد منالأمور الوجودية يتركه أيضا لله على حقيقةما يترك ما هو لله بالإجماع من كل نفس للهفقد استحيا من الله حق الحياء
النعوت كلها بحكم الأصالة و هي للعبدبحكم خلقه على الصورة
و من ترك ما لله لله خاصة فقد استحيا منالله و لكن لا حق الحياء و ذلك أن النعوتالتي نعت الحق بها نفسه من المسمى إخبارالتشبيه و آيات التشبيه على ما يزعم علماءالرسوم و أنه تنزل إلهي رحمة بالعباد ولطفا إلهيا و هو عندنا نعت حقيقي لا ينبغيإلا له تعالى و أنه في العبد مستعار كسائرما يتخلق به من أسمائه فإنه خَيْرُالْماكِرِينَ و الله يستهزئ بالمستهزئينمن عباده باستهزاء و مكر هو له من حيث لايشعرون و هو لا يصف نفسه بالحوادث فدل إنهذه النعوت بحكم الأصالة لله و ما ظهرت فيالعبد الإلهي إلا لكونه خلق على الصورة منجميع الوجوه و لما عرف العارفون هذا و رأواقوله تعالى وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُالْأَمْرُ كُلُّهُ و هذه النعوت الظاهرةفي الأكوان التي يعتقد فيها علماء الرسومأنها حق للعبد من جملة الأمور التي ترجعإلى الله تركوها لله لاستحيائهم من اللهحق الحياء و هو من نعوت الاسم المؤمن والمؤمن المصدق بأن هذه النعوت له أزلا و إنلم يظهر حكمها إلا في المحدثات فالحياءيدخل في الصدق و لهذا
قال الحياء من الايمان
البقاء على الأصل لا يأتى إلا بخير
و أما
قوله (ص) في الحياء إنه لا يأتي إلا بخير
فهي كلمة صحيحة صادقة فإن البقاء علىالأصل لا يأتي إلا بخير فإنها لا تصحبهادعوى فهو قابل لكل نعت إلهي يريد الحق أنينعته به و ما في المحل ضد يرده و لا مقابليصده فيبقى الحق يفعل ما يريد بغير معارض ولا منازع و أما نعت الحق به فهو تركه العبديتصف بنعوت الحق و يسلمها له و لا يخجلهفيها بل يصدقه و يعلى بها رتبته و لا يكذبهفي دعواه فإنه مجلاه فهذا من كون الحق حيا
الحق يوقر عبده و يستحى أن يكذب شيبته
ورد في الخبر أن شيخا يوم القيامة يقولالله له يا عبدي عملت كذا و كذا لأمور لميكن ينبغي له أن يعملها فيقول يا رب مافعلت و هو قد فعل فيقول الحق سيروا به إلىالجنة فتقول الملائكة التي أحصت عليه عملهيا ربنا أ لست تعلم أنه فعل كذا و كذا فيقولبلى و لكنه لما أنكر استحييت منه أن أكذبشيبته
فإذا كان الحق يستحي من العبد أن يكذبشيبته و يوقره فالعبد بهذه الصفة أولى
درجات الحياء عند العارفين و عندالملاميين
و للحياء درجات عند العارفين و عندالملاميين فدرجاته في العارفين إحدى وخمسون درجة و في الملاميين عشرون درجة وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ انتهى الجزء الواحد و مائة
(بسم الله الرحمن الرحيم)
(فصل)
أثر الحياء في وجه الإنسان
لما كان الحياء صفة تنسب إلى الايمان فهومن ذات الايمان كان أثره من ظاهر صورةالإنسان في الوجه إذ الوجه ذات الشيء وعينه و حقيقته
الحياء كالإيمان ينقسم إلى بضع و سبعينشعبة
فالحياء ينقسم كما
ينقسم الايمان إلى بضع و سبعين شعبةأرفعها لا إله إلا الله و أدناها إماطةالأذى عن الطريق
و المناسبة بين العالي و الدون أن الشركأذى في طريق التوحيد إماطته الأدلةالعقلية و الإنباءات الشرعية لما جعلته فيطريق التوحيد الشبه المضلة و الأهواءالشيطانية
أعلى صور الحياء الذي يدرك الموحد فيتوحيده
و صورة الحياء الذي يدرك الموحد في توحيدهو يزيل الأذى من طريق الخلق تلفظه بنفيالإله قبل وصوله إلى إيجابه إلى من يستحقهو هو قوله لا إله و النفي عدم فوقع الحياءمن العبد المؤمن حيث بدأ بالعدم و هو عينهلأن المحدث نعته تقدم حال العدم عليه ثماستفاد الوجود الذي هو بمنزلة الإيجاب لماوقع عليه النفي و لم يتمكن للمحدث أن يقولإلا هذا لأنه لا يصح العدم بعد الوجود و لاالنفي بعد الإثبات فإنه لو تجلى له الحقابتداء لم ينفه في الشريك لأنه كان يراهعينه لو كان له وجود و إن لم يكن له وجودفيكون نظر الموحد عند وقوعه على وجود الحقلا يتمكن أن يرى مع هذا الوجود عدما فكانلا يتلفظ بكلمة التوحيد أبدا و لا يرى نفسهأبدا فمن رحمة الله تعالى بالإنسان أنهأشهده أولا نفسه فرأى في نفسه قوى ينبغي أنلا تكون إلا لمن هو إله فلما حقق النظربعقله و نظر إلى العوارض الطارئة عليهبغير إرادته و مخالفة أغراضه و وجدالافتقار في نفسه علم قطعا إن عين وجودهشبهة و أن هذه الصفات لا ينبغي أن تكون لمنهو إله فنفى تلك الألوهة التي قامت له مننفسه فقال لا إله ثم إنه لما أمعن النظروجد نفسه قائما بغيره غير مستقل في وجودهفأوجب فقال عند ذلك إلا الله فلما أثبت نظرإلى هذا الذي أثبته فرآه عين صورة ما نفاهمرتبطا به ارتباط الظل بالشخص بنور العلمالذي فتح عينه إلى هذا الإدراك و قد كاننفاه بقوله لا إله فاستحى كيف أطلق لا إلهو لهذا جعلته طائفة من أذكار العموم و كانبعض شيوخنا لا يقول في ذكره