عن توحيد الله بما يطالعه في كل حين منمشاهدة الأسباب التي يظهر التكوين عندها وليس ثمة إدراك يشهد به عين وجه الحق فيالأسباب التي يكون عنها التكوين و هولاستيلاء الغفلة و هذا الغطاء يتخيل أنالتكوين من عين الأسباب فإذا جاءته الذكرىعلى أي وجه جاءته علم بمجيئها إنها تدللذاتها على أنه لا إله إلا الله و أن تلكالأسباب لو لا وجه الأمر الإلهي فيها أو هيعين الأمر الإلهي ما تكون عنها شيء أصلافلما كان هذا التوحيد بعد ستر رفعتهالذكرى أنتج له أن يسأل ستر الله للمؤمنينو المؤمنات فإن لرفع الستر و وجود الكشفعند الرفع أو العلم بأنه عين الستر لا غيرهلذة لا يقدر قدرها فهي من منن الله علىعبده
(التوحيد الثالث و الثلاثون)
من نفس الرحمن هو قوله هُوَ الله الَّذِيلا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُهذا توحيد العلم و هو من توحيد الهوية و هوتوحيده من حيث التفرقة لأنه ميز بين الغيبو الشهادة و جمع بين العلم و الرحمة و هذالا يكون إلا في العلم اللدني و هو العلمالذي ينفع صاحبه قال في عبده خضرآتَيْناهُ رَحْمَةً من عِنْدِنا و هو قولهالرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ثم قال وَعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً من قولهعالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فعلمالرحمة يكون معه اللين و العطف و هو الذيمن لدنه و الغصن اللدن هو الرطيب وَ يُؤْتِمن لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً فعظمه وَ ماأَرْسَلْناكَ و ما أرسل إلا بالعلم إِلَّارَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فجعل إرساله رحمةفهو علم يعطي السعادة في لين فَبِمارَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لَهُمْ فالعلم وإن كان شريفا فإن له معادن أشرفها ما يكونمن لدنه فإن الرحمة مقرونة به و لها النفسالذي ينفس الله به عن عباده ما يكون منالشدة فيهم
(التوحيد الرابع و الثلاثون)
من نفس الرحمن هو قوله هُوَ الله الَّذِيلا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُالْقُدُّوسُ هذا توحيد النعوت و هو منتوحيد الهوية المحيطة فله النعوت كلهانعوت الجلال فإن صفات التنزيه لا تعطيالثبوت و الأمر وجودي ثابت فلهذا قدمالهوية و أخرها حتى إذا جاءت نعوت السلب وحصلت الحيرة في قلب السامع منعت الهويةبإحاطتها أن يخرج السامع إلى العدم فيقولفما ثم شيء وجودي إذ قد خرج عن وجود العقلو الحس فيلحقه بالعدم فتمنعه الهوية فإنالضمير لا بد أن يعود على أمر مقرر فافهم
(التوحيد الخامس و الثلاثون)
من نفس الرحمن هو قوله الله لا إِلهَإِلَّا هُوَ وَ عَلَى اللهفَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ هذاتوحيد الرزايا و الرجوع فيها إلى اللهليزول عنه ألمها إذ رأى ما أصيب فيه قد حصلبيد من يحفظ عليه وجوده و لهذا أثنى اللهعلى من يقول إذا أصابته مصيبة إِنَّالِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَفهم لله في حالهم و هم إليه راجعون عندمفارقة الحال فمن حفظ عليه وجوده و حفظعليه ما ذهب منه و كان ما حصل عنده أمانةإلى وقتها فما أصيب و لا رزئ فتوحيدالرزايا أنفع دواء يستعمل و لذلك أخبر بمالهم منه تعالى في ذلك فقال أُولئِكَعَلَيْهِمْ صَلَواتٌ من رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ و الرحمة لا يكون معها ألم وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ يقول الذينتبين لهم الأمر على ما هو عليه في نفسهفسمين مصيبة في حقه لنزولها به و في حق منليس له هذا الذوق لنزول ألمها في قلبهفيتسخط فيحرم خيرها