لم نتعرض إلى صحة ما يظهر فيه و لا إلىفساده فقد ثبت أن الحكم له بكل وجه و على كلحال في المحسوس و المعقول و الحواس والعقول و في الصور و المعاني و في المحدث وفي القديم و في المحال و في الممكن و فيالواجب و من لا يعرف مرتبة الخيال فلامعرفة له جملة واحدة و هذا الركن منالمعرفة إذا لم يحصل للعارفين فما عندهممن المعرفة رائحة ثم إنه مما يؤيد ماذكرناه إنك لا تشك إنك مدرك لما أدركته إنهحق محسوس لما تعلق به الحس و
أن الحديث الوارد عن النبي (ص) في قولهالناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
فنبه أن ما أدركتموه في هذه الدار هو مثلإدراك النائم بل هو إدراك النائم في النومو هو خيال و لا تشك أن الناس في البرزخ بينهذه الدار و الدار الآخرة و هو مقام الخيالفانتباهك بالموت هو كمن يرى أنه استيقظ فيالنوم في حال نومه فيقول في النوم رأيت كذاو كذا و هو يظن أنه قد استيقظ و يعضد هذاالخبر قوله تعالى في حق الميت فَكَشَفْناعَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَحَدِيدٌ أي تدرك ما لم تكن أدركته بالموتفهو يقظة بالنسبة لما كنت عليه في حالالحياة الدنيا ثم إذا بعثت في النشأةالآخرة يقول المبعوث من بَعَثَنا منمَرْقَدِنا هذا فكان كونه في مدة موتهكالنائم في حال نومه مع كون الشارع سماهيقظة و هكذا كل حال تكون فيه لا بد لك منالانتقال عنه و تبقي مثل ما كنت عليه فيخيالك المتصل و في قوة كونه كان علىالحقيقة في الخيال المنفصل إذ لو كانحقيقة ما تغير و لا انتقل فإن الحقائق لاتتبدل و حقيقة الخيال التبدل في كل حال والظهور في كل صورة فلا وجود حقيقي لا يقبلالتبديل إلا الله فما في الوجود المحققإلا الله و أما ما سواه فهو في الوجودالخيالي و إذا ظهر الحق في هذا الوجودالخيالي ما يظهر فيه إلا بحسب حقيقته لابذاته التي لها الوجود الحقيقي و لهذا جاءالحديث الصحيح بتحوله في الصور في تجليهلعباده و هو قوله كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌفإنه لا يبقى حالة أصلا في العالم لا كونيةو لا إلهية إِلَّا وَجْهَهُ يريد ذاته إذوجه الشيء ذاته فلا تهلك أين الصورة التيتحول فيها من الصورة التي تحول عنها هذا حظالصورة التي تحول عنها من نسبة الهلاكإليها فكل ما سوى ذات الحق فهو في مقامالاستحالة السريعة و البطيئة فكل ما سوىذات الحق خيال حائل و ظل زائل فلا يبقى كونفي الدنيا و الآخرة و ما بينهما و لا روح ولا نفس و لا شيء مما سوى الله أعني ذاتالحق على حالة واحدة بل تتبدل من صورة إلىصورة دائما أبدا و ليس الخيال إلا هذا فهذاهو عين معقولية الخيال أنظره في الأصل حيثقال في العماء فشبه بالسحاب و التشبيهتخيل و العماء هو جوهر العالم كله فالعالمما ظهر إلا في خيال فهو متخيل لنفسه فهو هوو ما هو هو و مما يؤيد ما ذكرناه وَ مارَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ فنفى عين ما أثبتأي تخيلت أنك رميت و لا شك أنه رمى و لهذاقال إِذْ رَمَيْتَ ثم قال الرمي صحيح وَلكِنَّ الله رَمى أي ظهرت يا محمد بصورةحق فأصابت رميتك ما لا تصيبه رمية البشركما نفخ عيسى في صورة الطير فكان طيرا فظهرفي نفخ عيسى النفخ الإلهي و هو قوله وَنَفَخْتُ فِيهِ من رُوحِي و النفخ نفس والعماء عين ذلك النفس فهو نفخ في وجود الحقفتشكل منه خلق في حق فكان الحق المخلوق بهما ظهر من صور العالم فيه و ما ظهر مناختلاف التجلي الإلهي فيه و هذا القدر كاففيما ذهبنا إليه من علم الخيال و قد تقدمفي هذا الكتاب معرفة الأرض التي خلقت منبقية طينة آدم (ع) و هي ما ظهر من صور العالمفيها فالعلم بتلك الأرض جزء من هذهالمسألة
(النوع السابع) من المعرفة و هو علم العللو الأدوية
و يحتاج إليه من يربي من الشيوخ و لا تنفعهذه الأدوية إلا فيمن يقبل استعمالها فإنلم يستعملها العليل فلا يظهر لها أثرفلنبين إن شاء الله العلل بطريق الحصرلأمهاتها ثم نذكر الأدوية المختصة بهاالعلل في هذه الطريقة ليس لها محل إلاالنفوس خاصة لا حظ للعقول فيها البتة و لاللأبدان فإن علل العقول معروفة و عللالأجسام معروفة و أدوية علل الأجسامموقوفة على الأطباء و أدوية علل العقولاتخاذ الخلوات بالميزان الطبيعي و إزالةالتفكر فيها و مداومة الذكر ليس غير ذلك وما بقي لنا الخوض فيه إلا علل النفوس و هيثلاثة أمراض مرض في الأقوال و مرض فيالأفعال و مرض في الأحوال و أما مرضالاعتقادات فهو مرض العقول و قد ذكرناهفلنذكر أمراض الأقوال فمنها التزام قولالحق و هو من أكبر الأمراض دواؤه معرفةالمواطن التي ينبغي أن يصرفه فيها فإنالغيبة حق و قد نهي عنها و النميمة حق و قدنهي عنها و ما يفعله الرجل مع أهله فيفراشه إذا أفضى إليها فيقول في ذلك حقا وهذا القول من الكبائر و النصيحة في الملإبالحق حق و هو فضيحة و لا تقع إلا من