(الفصل السابع عشر) في الاسم المحيط
و توجهه على إيجاد العرش و العرش الممجدةو المعظمة و المكرمة و حرف القاف و منالمنازل الذراع
إحاطة العرش بالعالم
اعلم أن العرش أحاط بالعالم لاستدارتهبما أحاط به من العالم و كل ما أحاط به فيهالاستدارة ظاهرة حتى في المولدات و انظرفي تشبيه
النبي (ص) في الكرسي أنه في جوف العرشكحلقة في فلاة من الأرض
فشبهه بشكل مستدير و هو الحلقة و الأرض وكذلك شبه السموات في الكرسي كحلقة والأركان الكرية في جوف الفلك الأدنى كذلكثم ما تولد عنها لا يكون أبدا في صورته إلامستديرا أو مائلا إلى الاستدارة معدنا كانأو نباتا أو حيوانا و ذلك لأن الحركة دوريةفلا تعطي إلا ما يشاكلها فالعرش أعظمالأجسام من حيث الإحاطة فهو العرش العظيمجرما و قدرا و بحركته أعطى ما في قوته لمنهو تحت إحاطته و قبضته فهو العرش الكريملذلك و بنزاهته أن يحيط به غيره من الأجسامكان له الشرف فهو العرش المجيد ثم إنه مااستوى عليه الاسم الرحمن إلا من أجل النفسالرحماني و ذلك أن المحاط به في ضيق منعلمه بأنه محاط به من حيث صورته فأعطاهالنفس الرحماني روحا من أمره فكان مجموعكل موجود في العالم صورته و روحه المدبر لهو جعل روحه لا داخلا في الصورة و لا خارجاعنها لأنه غير متحيز فانتفى المشروط والشرط فإن النفس الذي صدرت عنه الأرواح لاداخل في العالم و لا خارج عنه فإذا نظرالموجود في كونه محاطا به ضاق صدره من حيثصورته و إذا نظر في نفسه من حيث روحانيتهنفس الله عنه ذلك الضيق بروحه لما علم أنهلا توصف ذاته بأنه محاط به إحاطة العرشبالصور فزال عنه و أورثه ذلك الابتهاج والسرور و الفرح بذاته من حيث روحه فلهذاكان الاستواء بالاسم الرحمن و إحاطة هذاالعرش من الإحاطة الإلهية بالعلم في قولهأحاط بكل شيء علما فهو من ورائهم محيط وليس وراء الله مرمى لرام و وراء العالمالله فهو المنتهى و ما له انتهاء لا إلهإلا هو العزيز الحكيم فالكلمة في العرش منالنفس الرحماني واحدة و هو الأمر الإلهيلإيجاد الكائنات فالنفس سار إلى منتهىالخلأ فبه حيي كل شيء فإن العرش علىالماء فقبل الحياة بذاته فخلق الله تعالىمنه كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلايُؤْمِنُونَ بما يرونه من حياة الأرضبالمطر و حياة الأشجار بالسقي حتى الهواءإن لم يكن فيه مائية و إلا أحرق
أن للعرش قوائم النورانية
و اعلم أن هذا العرش قد جعل الله له قوائمنورانية لا أدري كم هي لكني أشهدتها ونورها يشبه نور البرق و مع هذا فرأيت لهظلا فيه من الراحة ما لا يقدر قدرها و ذلكالظل ظل مقعر هذا العرش يحجب نور المستويالذي هو الرحمن و رأيت الكنز الذي تحتالعرش الذي خرجت منه لفظة لا حول و لا قوةإلا بالله العلي العظيم فإذا الكنز آدمصلوات الله عليه و رأيت تحته كنوزا كثيرةأعرفها و رأيت طيورا حسنة تطير في زواياهفرأيت فيها طائرا من أحسن الطيور فسلم عليفالقى لي فيه أن آخذه صحبتي إلى بلاد الشرقو كنت بمدينة مراكش حين كشف لي عن هذا كلهفقلت و من هو قيل لي محمد الحصار بمدينةفاس سأل الله الرحلة إلى بلاد الشرق فخذهمعك فقلت السمع و الطاعة فقلت له و هو عينذلك الطائر تكون صحبتي إن شاء الله فلماجئت إلى مدينة فاس سألت عنه فجاءني فقلت لههل سألت الله في حاجة فقال نعم سألته أنيحملني إلى بلاد الشرق فقيل لي إن فلانايحملك و أنا أنتظرك من ذلك الزمان فأخذتهصحبتي سنة سبع و تسعين و خمسمائة و أوصلتهإلى الديار المصرية و مات بها رحمه اللهفإن قلت و الملائكة الحافون من حول العرشما بقي لهم خلاء يتصرفون فيه و العرش قدعمر الخلأ قلنا لا فرق بين كونهم حافين منحول العرش و بين الاستواء على العرش فإنهمن لا يقبل التحيز لا يقبل الاتصال والانفصال ثم إن الملائكة الحافين من حولالعرش فما هو هذا الجسم الذي عمر الخلأ وإنما هو ذلك العرش الذي يأتي الله به للفصلو القضاء يوم القيامة و هذا العرش الذياستوى عليه هو عرش الاسم الرحمن أ ما سمعتهيقول وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَمن حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَبِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْبِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِرَبِّ الْعالَمِينَ عند الفراغ من القضاءفذلك يوم القيامة تحمله الثمانية الأملاكو ذلك بأرض الحشر و نسبة العرش إلى تلكالأرض نسبة الجنة إلى عرض الحائط في قبلةرسول الله (ص) و هو في صلاة الكسوف و هذا منمسائل ذي النون المصري في إيراد الواسععلى الضيق من غير أن يوسع الضيق أو يضيقالواسع و من عرف المواطن هان عليه سماع مثلهذا