أطبقت عليهم السماء فيجدون من الثقل بحيثلا يقدرون على أن يطرفوا و لا يتحرك فيهمجارحة و يضطجعون فلا يقدرون على حركة أصلاو لا قيام و لا قعود و لا حركة يد و لا رجل ولا جفن عين يبقى ذلك عليهم أول يوم ثم يخففي ثاني يوم قليلا و في ثالث يوم أقل و تقعلهم الكشوفات و التجليات و الاطلاع علىالمغيبات و لا يزال مضطجعا مسجى يتكلم بعدالثلاث أو اليومين و يتكلم معه و يقال لهإلى أن يكمل الشهر فإذا فرغ الشهر و دخلشعبان قام كأنما نشط من عقال فإن كان صاحبصناعة أو تجارة اشتغل بشغله و سلب عنه جميعحاله كله إلا من شاء الله أن يبقى عليه منذلك شيء أبقاه الله عليه هذا حالهم و هوحال غريب مجهول السبب و الذي اجتمعت بهمنهم كان في شهر رجب و كان في هذه الحال
ختم الولاية المحمدية و ختم الولايةالعامة
و منهم رضي الله عنهم الختم و هو واحد لافي كل زمان بل هو واحد في العالم يختم اللهبه الولاية المحمدية فلا يكون في الأولياءالمحمديين أكبر منه و ثم ختم آخر يختم اللهبه الولاية العامة من آدم إلى آخر ولي و هوعيسى عليه السلام هو ختم الأولياء كما كانختم دورة الملك فله يوم القيامة حشرانيحشر في أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم ويحشر رسولا مع الرسل عليهم السلام
الأولياء الذين هم على قلب آدم
و منهم رضي الله عنهم ثلاثمائة نفس علىقلب آدم عليه السلام في كل زمان لا يزيدونو لا ينقصون فاعلم إن معنى
قول النبي عليه السلام في حق هؤلاءالثلاثمائة إنهم على قلب آدم
و كذلك
قوله عليه السلام في غير هؤلاء ممن هو علىقلب شخص من أكابر البشر أو الملائكة
إنما معناه إنهم يتقلبون في المعارفالإلهية تقلب ذلك الشخص إذ كانت وارداتالعلوم الإلهية إنما ترد على القلوب فكلعلم يرد على قلب ذلك الكبير من ملك أو رسولفإنه يرد على هذه القلوب التي هي على قلبهو ربما يقول بعضهم فلان على قدم فلان و هوبهذا المعنى نفسه و
قد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّمعن هؤلاء الثلاثمائة أنهم على قلب آدم
و ما ذكر صلّى الله عليه وسلّم أنهمثلاثمائة في أمته فقط أو هم في كل زمان و ماعلمنا أنهم في كل زمان إلا من طريق الكشف وأن الزمان لا يخلو عن هذا العدد و لكل واحدمن هؤلاء الثلاثمائة من الأخلاق الإلهيةثلاثمائة خلق إلهي من تخلق بواحد منها صحتله السعادة و هؤلاء هم المجتبون المصطفونو يستحبون من الدعاء ما ذكره الحق سبحانهفي كتابه رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنالَنَكُونَنَّ من الْخاسِرِينَ و قالتعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَالَّذِينَ اصْطَفَيْنا من عِبادِنافَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ و هو آدم ومن كان بهذه المثابة و لهذه الطائفة منالزمان الثلاثمائة من السنين التي ذكرالله أنها لبثها أهل الكهف و كانت شمسية ولهذا قال وَ ازْدَادُوا تِسْعاً فإنالثلاثمائة سنة الشمسية تكون من سنى القمرثلاثمائة و تسع سنين على التقريب و كل سنةتمام الزمان بفصوله و هذه الجملة قريبة منثلث يوم واحد من أيام الرب وَ إِنَّيَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍمِمَّا تَعُدُّونَ فإذا أخذ العارف فيمشهد من مشاهد الربوبية حصل في مقداريومها في تلك اللحظة من العلوم الإلهية مايحصل غيره في عالم الحس مع الاجتهاد والتهيؤ من العلوم الإلهية في ألف سنة منهذه السنين المعلومة و على هذا المجرىيكون ما يحصله واحد من هؤلاء الثلاثمائةمن العلوم الإلهية إذا اختطف عن نفسه وحصره يوم من أيام الرب و لا يعرف قدر ماذكرناه و شرفه إلا من ذاقه و انطوى الزمانفي حقه في تلك اللحظة كما تنطوي المسافة والمقادير في حق البصر إذا فتحه فوقع نظرهعلى فلك الكواكب الثابتة في زمان فتح عينهاتصلت أشعته بأجرام تلك الكواكب فانظر إلىهذا البعد و انظر إلى هذه السرعة و كذلكتعلق إدراك السمع في الزمان الذي يكون فيهالصوت فيه يكون إدراك السمع له مع البعدالعظيم فإن تفطنت لهذا الذي أشرنا إليهعلمت معنى رؤيتك ربك مع نفي التحيز والجهات و علمت الرائي منك و المرئي والرؤية و كذلك السامع و السمع و المسموع وهذه الطبقة هي التي علمت الأسماء الإلهيةالتي توجهت على الأشياء المشار إليها فيقوله تعالى أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِهؤُلاءِ إذ كان الإنباء بالأسماء عينالثناء على المسمى و الناس يأخذون هذهالآية على أن الأسماء هي أسماء المشارإليهم من حيث دلالتها عليهم كدلالة زيد فيعلميته على شخص زيد و عمر و على شخص عمرو وأي فخر في ذلك على الموصوفين بالعلم و همالملائكة و ما تفطن الناس لقولهمنُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ و قد فاتهم من أسماءالله تعالى ما توجهت على هؤلاء المشارإليهم انتهى الجزء الخامس و السبعون