إن الله يحب المطهرين‏ - فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة جلد 2

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة - جلد 2

ابی عبد الله محمد بن علی الحاتمی الطائی المعروف بابن عربی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



أساء إليه من أمثاله و أشكاله فرجع عليهبالإحسان إليه و التجاوز عن إساءته فذلكهو التواب ما هو الذي رجع إلى الله فإنه لايصح أن يرجع إلى الله إلا من جهل إن اللهمعه على كل حال و ما خاطب الحق بقولهتُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله إلا من غفلعن كون الله معه على كل حال كما قال وَ هُوَمَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ و نَحْنُأَقْرَبُ إِلَيْهِ من حَبْلِ الْوَرِيدِفإن رجعت إليه من حيث حساب أو سؤال فذلكرجوع في الحقيقة من حال أنت عليها لحال ماأنت عليها و لما كانت الأحوال كلها بيدالله أضيف الرجوع إلى الله على هذا الوجهفالراجع إلى الله إنما يرجع من المخالفةإلى الموافقة و من المعصية إلى الطاعةفهذا معنى حب التوابين فإذا كنت منالتوابين على من أساء في حقك كان اللهتوابا عليك فيما أسأت من حقه فرجع عليكبالإحسان فهكذا فلتعرف حقائق الأمور وتفهم معاني خطاب الله عباده و تميز بينالمراتب فتكون من العلماء بالله و بماقاله و جاء ذكره لهذه المحبة في التوابينعقب ذكر الأذى الذي جعله في المحيض وكذلك‏
قال (ع) إن الله يحب كل مفتن تواب‏
أي مختبر يريد أن يختبره الله بمن يسي‏ءإليه من عباد الله فيرجع عليهم بالإحسانإليهم في مقابلة إساءتهم و هو التواب لا إنالله يختبر عباده بالمعاصي حاشا الله أنيضاف إليه مثل هذا و إن كانت الأفعال كلهالله من حيث كونها أفعالا و ما هي معاصي إلامن حيث حكم الله فيها بذلك فجميع أفعالالله حسنة من حيث ما هي أفعال فافهم ذلك ومن ذلك حبه للمتطهرين قال تعالى وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فالتطهير صفةتقديس و تنزيه و هي صفته تعالى و تطهيرالعبد هو أن يميط عن نفسه كل أذى لا يليق بهأن يرى فيه و إن كان محمودا بالنسبة إلىغير و هو مذموم شرعا بالنسبة إليه فإذا ظهرنفسه من ذلك أحبه الله تعالى كالكبرياء والجبروت و التفخر و الخيلاء و العجب فمنهاصفات لا تدخل القلب جملة واحدة للطابعالإلهي الذي على القلوب و هو قوله كَذلِكَيَطْبَعُ الله عَلى‏ كُلِّ قَلْبِمُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ فيظهر في ظاهرهالكبرياء و الجبروت على من استحق من قومهإما في زعمه و تحيله و إما في نفس الأمر وهو في قلبه معصوم من ذلك الكبرياء والجبروت لأنه يعلم عجزه و ذلته و فقرهلجميع الموجودات و أن قرصة البرغوث تؤلمهو المرحاض يطلبه لدفع ألم البول و الخراءةعنه و يفتقر إلى كسيرة خبز يدفع بها عننفسه ألم الجوع فمن صفته هذه كل يوم و ليلةكيف يصح أن يكون في قلبه كبرياء و جبروت وهذا هو الطبع الإلهي على قلبه فلا يدخلهشي‏ء من ذلك و أما ظهور ذلك على ظاهرهفمسلم و لكن جعل الله لها مواطن يظهر فيهابهذه الأوصاف و لا يكون مذموما و جعل لهامواطن يذمه فيها فمن طهر ذاته عن أن ترىعليه هذه النعوت في غير مواطنها فهو متطهرو يحبه الله كما نفى محبته عن كل مختالفخور فإنه لا يظهر بهذه الصفة إلا من هوجاهل و الجهل مذموم و لهذا نهى الله نبيه(ص) أن يكون جاهلا و قال لنوح (ع) إِنِّيأَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ من الْجاهِلِينَفإنه لا يخلو أن يفتخر على مثله أو على ربهو خالقه فإن افتخر على مثله فقد افتخر علىنفسه و الشي‏ء لا يفتخر على نفسه ففخره واختياله جهل و محال أن يفتخر على خالقهلأنه لا بد إن يكون عارفا بخالقه أو غيرعارف بأن له خالقا فإن عرف و افتخر عليهفهو جاهل بما ينبغي أن يكون لخالقه من نعوتالكمال و إن لم يعرف كان جاهلا فما أبغضهالله و لم يحبه إلا لجهله إذ لم يكن هذا فيغير موطنه إلا لجهله و الجهل موت و العلمحياة و هو قوله تعالى أَ وَ من كانَمَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي به فيالنَّاسِ و ذلك نور الايمان و الكشف الذيأوحى الله به إليه أو امتن به عليهفالمتطهر من مثل هذه النعوت محبوب للهفافهم‏

إن الله يحب المطهرين‏


و من ذلك حبه المطهرين قال الله تعالى وَالله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ و همالذين طهروا غيرهم كما طهروا نفوسهم فتعدتطهارتهم إلى غيرهم فقاموا فيها مقام الحقنيابة عنه فإنه المطهر على الحقيقة والحافظ و العاصم و الواقي و الغافر فمن منعذاته و ذات غيره إن يقوم بها ما هو مذموم فيحقها عند الله فقد عصمها و حفظها و وقاها وسترها عن قيام أمثال هذه بها فهو مطهر لهابما علمها من علم ما ينبغي لينفر عنه بنورالعلم و حياته ظلمة الجهالة و موتها فيكونفي ميزانه يوم القيامة و من الأنوار التيتسعى بين يديه و هو محبوب عند الله مخصوصبعناية ولاية إلهية و استخلاف و الولاةالخلفاء من المقربين ممن استخلفهم عليهملأنهم موضع مقصور من استخلفهم دون غيرهم وكل إنسان وال على جوارحه فما فوق ذلك و قدأعلمه الله بما هي الطهارة التي يطهر بهارعاياه‏

إن الله يحب الصابرين‏


و من ذلك حبه للصابرين و هو قوله وَ اللهيُحِبُّ الصَّابِرِينَ و هم الذينابتلاهم الله فحبسوا نفوسهم عن الشكوىإلى‏

/ 694