أراد صلّى الله عليه وسلّم أن تتميز مراتبالقوم عندهم فقال لأبي بكر ما تركت لأهلكفقال الله و رسوله و هذا غاية الأدب حيثقال و رسوله فإنه لو قال الله لم يتمكن لهأن يرجع في شيء من ذلك إلا حتى يرده اللهعليه من غير واسطة حالا و ذوقا فلما علمذلك قال و رسوله فلو رد إليه رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم من ماله شيئا قبلهلأهله من رسول الله صلّى الله عليه وسلّمفإنه تركه لأهله فما حكم فيه إلا مناستنابه رب المال فانظر ما أحكم هذا و ماأشد معرفة أبي بكر بمراتب الأمور و تخيلعمر أنه يسبق أبا بكر في ذلك اليوم لأنهرأى إتيانه بشطر ماله عظيما ثم قال لعمر بنالخطاب ما تركت لأهلك قال شطر مالي فقالرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينكما مابين كلمتيكما قال عمر فعلمت أني لا أسبقأبا بكر أبدا
و الإنسان ينبغي أن يكون عالي الهمة يرغبفي أعلى المراتب عند الله و يوفي كل مرتبةحقها فلم يرد رسول الله صلّى الله عليهوسلّم على أبي بكر شيئا من ماله تنبيهاللحاضرين على ما علمه من صدق أبي بكر فيذلك فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدعلم منه الرفق و الرحمة فلو رد شيئا من ذلكعليه تطرق الاحتمال في حق أبي بكر أنه خطرله رفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّمفعوض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهلأبي بكر بما يقتضيه نظره صلّى الله عليهوسلّم و جاءه عبد الرحمن بن عوف بجميع مالهفرده عليه كله و قال أمسك عليك مالك فإنهما دعاه إلى ذلك و لو دعاه إلى ذلك لقبلهمنه كما قبله من أبي بكر و يعطي حكم ذوقالعقل الرياضات النفسية و تهذيب الأخلاقفتتضمن الرياضة المجاهدات البدنية و لاتتضمن المجاهدة الرياضات و الرياضات أتمفي الحكم فإن النبي صلّى الله عليه وسلّمبعث ليتمم مكارم الأخلاق فمن جبل عليهافهو منور الذات مقدس و من لم يجبل عليهافإن الرياضة تلحقه بها و تحكم عليه والرياضة تذليل الصعب من الأمور فمن ذللصعبا فقد راضه و أزال عن النفس جموحهافإنها تحب الرئاسة و التقدم على أشكالها والرياضة تمنع النفس من هذا الخاطر وسلطانه و لا ترى لها شفوفا على غيرهالاشتراكها معهم في العبودية و إحاطةالقبضة بالكل فبما ذا ترأس فتمتثل أمرالله من حيث إنها مخاطبة من عند الله بذلكو تود أن يكون كل مخاطب من العبيد مسارعاإلى امتثال أمر سيده إيثار الجنابة مايخطر لها في المسارعة أن تسبق غيرها منالنفوس فيكون لها بذلك مزية على غيرها لايقتضي مقام الرياضة ذلك فإن الرياضة خروجعن الأغراض النفسية مطلقا من غير تقييد وأما الذوق الذي مبدؤه نفس عينه كما قدمنافلا يحتاج إلى رياضة و لا مجاهدة فإنالرياضة لا تكون إلا في صعب الانقياد كثيرالجموح أو منعوت بالجموح و المجاهدة إحساسبالمشقة و هذه العين التي ذكرناها ما تركتصعبا فتحكم عليه الرياضات فهو ذلول فينفسه أعطته ذلك مشاهدة تلك العين دفعة وأما الإحساس بالمشقات البدنية فذلك حسالطبع لا حس النفس فهو صاحب لذة في مشقةيحكم فيها بحكم ما عين الله له من الحقوقحيث
قال له على لسان المبين عنه و هو رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم إن لعينك عليك حقا ولنفسك عليك حقا و لزورك عليك حقا و لأهلكعليك حقا فأعط كل ذي حق حقه
فالذائق لهذه العين حكمه ما شرع له ليس لهو لا عنده رياضة في قبول ذلك أصلا وَ اللهيَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ و الذوق يعطيك بعد ذلك التجليالعلم و منه تحقيق ميزانه و مرتبته فيتأدبمعه بما يستحقه في النظر إليه فإنه نظيرالعين فيما لا مساغ لها فيه و هو الذي يورثعندك الظماء إذا لم تكن مؤمنا فإن كنتمؤمنا فالإيمان يعطيك الظماء و يشتد عطشكو يقل على قدر إيمانك و من ليس بمؤمن لا ظمأعنده البتة لشرب التجلي و إن أدركه العطشللعلم فمن حيث النظر الفكري و أما لعلومالتجلي فليس إلا الايمان و لا يحصل إيمانإلا و الظماء يصحبه فيزيد بالذوق فافهم
«الباب التاسع و الأربعون و مائتان فيالشرب»
الشرب بين مقام الذوق و الري
إن الحقوق التي للحق قائمة
أنت الغني به إذ كان عينكم
غيلان لم يك مثلي في محبته
وصل الوفاء و هجر المطل من شيمي
فإننيحاتمي الأصل من طي
مثل القضيةبين النشر و الطي
عليك فاحذرإذا ما كنت في الغي
فلا سبيل إلىمطل و لا لي
إذا تناظرتالعشاق في مي
فإننيحاتمي الأصل من طي
فإننيحاتمي الأصل من طي