رأيت من يبر أمه مثله و كان ذا مال و ليسنون فقدته من دمشق فما أدري هل عاش أومات
ما من أمر محصور في عدد إلا و له رجالبعدده
و بالجملة فما من أمر محصور في العالم فيعدد ما إلا و لله رجال بعدده في كل زمانيحفظ الله بهم ذلك الأمر و قد ذكرنا منالرجال المحصورين في كل زمان في عدد ماالذين لا يخلو الزمان عنهم ما ذكرناه فيهذا الباب فلنذكر من رجال الله الذين لايختصون بعدد خاص يثبت لهم في كل زمان بليزيدون و ينقصون و لنذكر الأسرار و العلومالتي يختصون بها و هي علوم تقسم عليهم بحسبكثرتهم و قلتهم حتى أنه لو لم يوجد إلاواحد منهم في الزمان اجتمع في ذلك الواحدذلك الأمر كله فلنذكر الآن بعض ما تيسر منالمقامات المعروفة التي ذكرها أهل الطريقو عينها أيضا الشرع أو عين أكثرها و سماهاثم بعد ذلك أذكر من المسائل التي تختص بهذاالباب و بالأولياء التي لا يعرفهابالمجموع إلا الولي الكامل
الدعاوي العريضة و الضعف الظاهر
فإن الإمام محمد بن علي الترمذي الحكيم هوالذي نبه على هذه المسائل و سأل عنهااختبار الأهل الدعوى لما رأى من الدعاويالعريضة و الضعف الظاهر فجعل هذه المسائلكالمحك و المعيار لدعواهم و لم يتعرض لخرقالعوائد في ظاهر الكون التي اتخذتهاالعامة دلائل على الولاية و ليست بدلائلعند أهل الله و إنما القوم يختبر بعضهمبعضا فيما يدعونه من العلوم الإلهية والأسرار فإن خرق العوائد عند الصادقينإنما ذلك في بواطنهم و قلوبهم بما يهبهمالله من الفهم عنه مما لا يشاركهم فيه ذوقامن ليس من جنسهم و ها أنا ذاكر ألقابالرجال الذين لا يحصرهم عدد و لا يقيدهمأمد و الله المستعان انتهى الجزء السادس والسبعون
(بسم الله الرحمن الرحيم)
وصل رجال الله الذين لا يتقيدون بعدد والأسرار و العلوم التي يختصون بها
الملامية سادات أهل طريق الله
فمنهم رضي الله عنهم الملامية و قد يقولونالملامتية و هي لغة ضعيفة و هم سادات أهلطريق الله و أئمتهم و سيد العالم فيهم ومنهم و هو محمد رسول الله صلّى الله عليهوسلّم و هم الحكماء الذين وضعوا الأمورمواضعها و أحكموها و أقروا الأسباب فيأماكنها و نفوها في المواضع التي ينبغي أنتنفى عنها و لا أخلوا بشيء مما رتبه اللهفي خلقه على حسب ما رتبوه فما تقتضيه الدارالأولى تركوه للدار الأولى و ما تقتضيهالدار الآخرة تركوه للدار لآخرة فنظروا فيالأشياء بالعين التي نظر الله إليها لميخلطوا بين الحقائق فإنه من رفع السبب فيالموضع الذي وضعه فيه واضعه و هو الحق فقدسفه واضعه و جهل قدره و من اعتمد عليه فقدأشرك و ألحد و إلى أرض الطبيعة أخلدفالملامتية قررت الأسباب و لم تعتمد عليهافتلامذة الملامتية الصادقون يتقلبون فيأطوار الرجولية و تلامذة غيرهم يتقلبون فيأطوار الرعونات النفسية فالملامية مجهولةأقدارهم لا يعرفهم إلا سيدهم الذي حاباهمو خصهم بهذا المقام و لا عدد يحصرهم بليزيدون و ينقصون
الفقراء الذين يفتقرون إلى الله علىالإطلاق
و منهم رضي الله عنهم الفقراء و لا عدديحصرهم أيضا بل يكثرون و يقلون قال تعالىتشريفا لجميع الموجودات و شهادة لهم ياأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُإِلَى الله فالفقراء هم الذين يفتقرون إلىكل شيء من حيث إن ذلك الشيء هو مسمىالله فإن الحقيقة تأبى أن يفتقر إلى غيرالله و قد أخبر الله أن الناس فقراء إلىالله على الإطلاق و الفقر حاصل منهمفعلمنا إن الحق قد ظهر في صورة كل ما يفتقرإليه فيه فلا يفتقر إلى الفقراء إلى اللهبهذه الآية شيء و هم يفتقرون إلى كل شيءفالناس محجوبون بالأشياء عن الله و هؤلاءالسادة ينظرون الأشياء مظاهر الحق تجلىفيها لعباده حتى في أعيانهم فيفتقرالإنسان إلى سمعه و بصره و جميع ما يفتقرإليه من جوارحه و إدراكاته ظاهرا و باطنا وقد أخبر الحق في الحديث الصحيح أن الله سمعالعبد و بصره و يده فما افتقر هذا الفقيرإلا إلى الله في افتقاره إلى سمعه و بصرهفسمعه و بصره إذا مظهر الحق و مجلاه و كذلكجميع الأشياء بهذه المثابة فما ألطف سريانالحق في الموجودات و سريان بعضها في بعض وهو قوله سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِوَ في أَنْفُسِهِمْ فالآيات هنا دلالاتإنها مظاهر للحق فهذا حال الفقراء إلىالله لا ما يتوهمه من لا علم له بطريقالقوم فالفقير من يفتقر إلى كل شيء و إلىنفسه و لا يفتقر إليه شيء فهذه أسنىالحالات قال أبو يزيد يا رب بما ذا أتقربإليك قال بما ليس لي الذلة و الافتقار قالتعالى وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أيليتذللوا لي و لا يتذللوا لي حتى يعرفونيفي الأشياء فيذلوا لي لا لمن ظهرت فيهم أوظهرت أعيانهم بكونهم مظاهر لي فوجودهم أناو ما