و سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَالثَّقَلانِ فجاء بلفظ الثقلين أعلاما منخاطب و من يريد و نحن مركبون من ثقيل و خفيففالخفيف للمكانة و الثقيل للمكانالرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىفثبتت الرحمة فلم تزل و أثرت في النزول إلىالسماء الدنيا فما نزل ليسلط عذابا و إنمانزل ليقبل تائبا و يجيب داعيا و يغفرلمستغفر و يعطي سائلا فذكر هذا كله و لميذكر شيئا من القهر لأنه نزل من عرش الرحمنفالمكان رحمة حيث كان لأن فيه استقرارالأجسام من تعب الانتقال إلا تراهم في حالالعذاب كيف وصفهم بالانتقال بتبديلالجلود و التبديل انتقال إلى أن يفرغالميقات و الأمر الحقيقي للمكانة فإنه لايصح الثبوت على أمر واحد في الوجودفالمكان ثبوت في المكانة كما نقول فيالتمكين أنه تمكين في التلوين لا أنالتلوين يضاد التمكين كما يراه من لا علمله بالحقائق و للتمكين باب يرد بعد هذا إنشاء الله
الباب الخامس و التسعون و مائة في معرفةالشطح
الشطح دعوى في النفوس بطبعها
هذا إذا شطحت بقول صادق
من غير أمر عندأرباب النهي
لبقيةفيها من آثار الهوى
من غير أمر عندأرباب النهي
من غير أمر عندأرباب النهي
أن الشطح كلمة حق تفصح عن مرتبته التيأعطاه الله من المكانة عنده
اعلم أيدك الله أن الشطح كلمة دعوى بحقتفصح عن مرتبته التي أعطاه الله منالمكانة عنده أفصح بها عن غير أمر إلهي لكنعلى طريق الفخر بالراء فإذا أمر بها فإنهيفصح بها تعريفا عن أمر إلهي لا يقصد بذلكالفخر
قال عليه السلام أنا سيد ولد آدم و لا فخر
يقول ما قصدت الافتخار عليكم بهذاالتعريف لكن أنبأتكم به لمصالح لكم في ذلكو لتعرفوا منة الله عليكم برتبة نبيكم عندالله و الشطح زلة المحققين إذا لم يؤمر بهفيقولها كما قالها عليه السلام و لهذا بينفقال و لا فخر فإني أعلم أني عبد الله كماأنتم عبيد الله و العبد لا يفتخر على العبدإذا كان السيد واحدا و كذا نطق عيسى فبدأبالعبودية و هو بمنزلة قوله عليه السلام ولا فخر فقال لقومه في براءة أمه و لما علممن نور النبوة التي في استعداده أنه لا بدأن يقال فيه إنه ابن لله فقال إِنِّيعَبْدُ الله فبدأ في أول تعريفه و شهادتهفي الحال الذي لا ينطق مثله في العادة فماأنا ابن لأحد فأمي طاهرة بتول و لست بابنلله كما أنه لا يقبل الصاحبة لا يقبل الولدو لكني عبد الله مثلكم آتانِيَ الْكِتابَوَ جَعَلَنِي نَبِيًّا فنطق بنبوته فيوقتها عنده و في غير وقتها عند الحاضرينلأنه لا بد له في وقت رسالته أن يعلمبنبوته كما جرت عادة الله في الأنبياءقبله فهم مأمورون بكل ما يظهر عليهم و منهممن الدعاوي الصادقة التي تدل على المكانةالزلفى و التميز عن الأمثال و الأشكالبالمرتبة المثلى عند الله وَ جَعَلَنِيمُبارَكاً أي محلا و علامة على زياداتالخير عندكم أَيْنَ ما كُنْتُ يعني في كلحال من الأحوال ما تختص البركة بسببي فيكمفي حال دون حال و ذكرها كلها بلفظ الماضي وهو يريد الحال و الاستقبال فما كان منه فيالحال فنطقه شهادة ببراءة أمه و تنبيها وتعليما لمن يريد أن يقول فيه أنه ابن اللهفنزه الله و هو نظير براءة أمه مما نسبواإليها فهو في جناب الحق تنزيه و في جنابالأم تبرئة و يدل لفظ الماضي فيه و أَيْنَما كُنْتُ أن يكون له التعريف بذلك من اللهكما كان لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم
لما قال كنت نبيا و آدم بين الماء والطين
فعلم مرتبته عند الله و آدم ما وجدت صورتهالبدنية
أن عيسى كلمة الله
و أعلم عيسى بلفظ الماضي أن الله آتاهالكتاب و أوصاه بالصلاة و الزكاة ما دام فيعالم التكليف و التشريع و هو قوله مادُمْتُ حَيًّا يريد حياة التكليف في ظاهرالأمر عند السامعين و يريد عندنا هذا وأمرا آخر و هو قوله تعالى في عيسى إنه كلمةالله و الكلمة جمع حروف و سيأتي علم ذلك فيباب النفس بفتح الفاء فأخبر أنه آتاهالكتاب يريد الإنجيل و يريد مقام وجوده منحيث ما هو كلمة و الكتاب ضم حروف رقميةلإظهار كلمة أو ضم معنى إلى صورة حرف يدلعليه فلا بد من تركيب فلهذا ذكر أن اللهأعطاه الكتاب مثل قوله أَعْطى كُلَّشَيْءٍ خَلْقَهُ و يريد بالوصية بالصلاةو الزكاة العبادة كما تدل على العمل هي علىالعبادة أدل لأنها لا تفتقر في كونهاعبادة إلى بيان و إذا أريد بها العمل احتيجإلى تعيين ذلك العمل و بيان صورته حتى يقيمنشأته هذا المكلف به فإذا كانت العبادة دلعلى أنه لا يزال حيا أينما كان و إن فارقهذا الهيكل بالموت فالحياة تصحبه لأنهاصفة نفسية له و لا سيما و قد جعله روح اللهثم ذكر أنه بر بوالدته أي محسن إليها فأولإحسانه أنه برأها مما نسب إليها في حالة لايشكون في أنه صادق في ذلك التعريف ثم تممفقال وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً فإنالجبروت و هو العظمة يناقض العبودة و هوقوله إنه عبد الله